خطأك أفضل من صوابنا!

 

 

 

 

 

 

أتذكر في زمن الطاغية المقبور، وزبانيته المتملقين، كيف كانوا يصورون خطأه صواب، ويصفون زلاته دروس وعبر، تحتاج ألف مقال وكتاب لتوضيح أبعادها ومعانيها، ولا زالت في مخيلتي مقولة المتملق الأكبر"عزة الدوري" لقائده : "ان خطأك سيدي أفضل من صوابي رغم ان لا خطأ لك".

فتكرر مشهد المتملقين، بعد أن اقتنعنا خطأً، إننا تخلصنا من زمن النفاق، وصناعة الطواغيت، ليظهروا من جديد وكعادتهم، حينما "شطح" رئيس الوزراء، وتحدث عن عمل بطولي خارق، قام به نجله، بعد عجز قواتنا العسكرية، بقادتها ومراتبها وعدتها وعددها كافة، من تنفيذه داخل أكثر مناطق العراق أمناً وتحصيناً، في خرق قانوني ودستوري واضح، وإهانة للمؤسسة العسكرية، التي يحاولون جرها للمحسوبية الحزبية وتسخير إمكاناتها في خدمة الجهات المتنفذة.

المؤسسة العسكرية في أي بلد، هي المسؤولة عن حفظ البلاد وحماية العباد وصيانة الدستور، والوقوف على الحياد في ظل أي صراع سياسي، لتتحرك حين تجد ان سيادة البلاد وشرعية الدستور تتعرض للخطر، ويكون لها الدور الأساس في إعادة الأمور الى نصابها الصحيح، والأمثلة كثيرة لجيوش حافظة على بلدها وسيادتها ودستورها من أطماع السياسيين وصراعاتهم.

لقد ابتعدنا وتوسعنا، لنعود إلى "ابن الزعيم" وبطولاته العظيمة، فمشكلتي ليست في "شطحت" الأب عندما اظهر بطولات الابن، ومدى قانونيتها وحقيقتها! بل المشكلة في تلك الأصوات والأقلام المتسابقة لتبرير الموقف وتعظيم الانجاز، وكتابة السطور وإجراء حوارات تتغنى وتتمجد بذلك الموقف، وإبراز خطأ "القائد" صواب رغم قناعتهم الراسخة انه خطأ لا يمكن القبول به تحت أي مسمى.

العهد البائد ليس ببعيد، ولا زالت ذاكرتنا تحمل مشاهد التعظيم والتبجيل، لـ"شبل قائد الضرورة"، وهو يتقلد الأوسمة، ويرتدي الرتب ويتولى قيادة مؤسسات أمنية وسياسية كبيرة، وأجزم قاطعاً ان الأصوات التي تتبارى اليوم، من على شاشات يعرف توجهها، وأقلام سأمت أسماء حامليها، كانت تنتقد قائد الأمس وشبله، لكنها قبلت اليوم على نفسها، ان تمتدح بلا حق قائد اليوم..

كيف يمكن أحداث البناء والتقدم؟ وفي الرؤوس عقول تمتهن التملق، وتتقن مسح الأكتاف، وهي تجمل القبيح، وترسم صور لنجاح خيالي، أمام عيون مسؤولين مقصرين، همهم البقاء في مناصبهم، حتى لو مات كل أبناء بلدهم، فلكل متملق أجير، دور ونصيب وعقاب، حتى يُدركوا إن الكلمة أمانة ولا يمكنكم الخيانة.