الحصانة للهروب من العقاب

 

حماية قانونية يعطيها الدستور لنواب الشعب تسمى الحصانة القانونية, يستطيع من خلالها النائب عن الشعب تأدية وظيفته الدستورية بصورة كاملة ( سلطة تشريعية), بعيد عن تأثير السلطة التنفيذية, ظهرت الحصانة البرلمانية في إنجلترا عام 1688م على أثر قيام الثورة الإنجليزية, وإقرار الوثيقة الدستورية المعروفة بأسم قانون الحقوق حيث نصت هذه الوثيقة :حرية القول - المناقشات - الإجراءات داخل البرلمان, لا يمكن أن تكون سببا للملاحقة القضائية أو محلا للمساءلة أمام المحاكم, إقرار هذه الحصانة كان أساساً لحماية النواب من سلطات الملوك وليس حمايتهم من مواطنيهم, الحصانة البرلمانية كانت قاصرة على الدعاوى المدنية إضافة إلى الإجراءات الخاصة بالدعاوى الجنائية البسيطة, إستثنت من نطاقها قضايا الخيانة العظمى وقضايا الجنايات وقضايا الإخلال بالأمن..
ولهذا كان من الممكن القبض على عضو البرلمان في هذه الجرائم دون رفع الحصانة عنه، كما إستثنت من الحصانة البرلمانية الجرائم التي ترتكب من أعضاء البرلمان في مواجهة إحدى المحاكم وقد أطلق على هذه الجرائم ( جرائم إهانة المحكمة ), إلا أنه حدث تطور هام خلال القرن الثامن عشر في مجال الحصانة البرلمانية، فقد صدر قانون ينظم أحكامها ويضع بعض القيود والضوابط لكيفية مباشرتها..
النائب منتخب من الشعب يمثل صوتهم وتحدد من شعب لأخر نسبة التمثيل مقابل عدد السكان, بذلك لا سلطة أخرى سوى سلطة الشعب, يعتبر من خلالها إن الشعب هو مصدر السلطات, في نفس الوقت يعبر النائب عن صوت جمهوره وتطلعاته, في حال وصوله قبة البرلمان يعتبر ممثل سكان الدولة وليس عن دائرته الإنتخابية فقط, توضع له ثلاثة واجبات اساسية: تشريع القوانين, السلطة الرقابية, إقرار الميزانية.
برلمان وسلطات يجتمعون لغرض تشريع القوانين لنفسهم من الإمتيازات, يطالبون بحقوق المساكين ولا يترددون من التمتع بالفوارق الطبقية والإمتيازات الخاصة, قطع وأراضي على محيط دجلة بواقع 600 متر في حين مواطن يبحث عن 50 متر في الأطراف البعيدة عن الخدمات, لا يبالون بالشوارع المليئة بالنفايات والمشاريع المعطلة والفساد المستشري دون رقيب, الحصانة صارت معرقلة للقوانين ومحاسبة المفسدين. أساليب التهديد المباشر والإنتقام من المفسدين عطلت الدور الرقابي وإنصاع البعض لتلك المافيات بغطاء الحصانة, قضايا تدفن في دهاليز اللجان التحقيقية والمحسوبيات والحزبية والمزايدات والمقايضات, ملفات فساد صار القانون حامياً لها بأسم الحصانة وتمثيل الشعب.
الشعب حينما إختار لغرض المساواة وتحقيق العدالة, لم يميز النائب او المسؤول بقدر ما هو يمثل تطلعاته ويسعى لخدمتة, ملفات تداخلت معها السياسة وطوفان الفساد تم إخفاء الأسماء, والأدهى اشتراك السلطة الرقابية في ملفاتها, منها تقديم النواب والمسؤولين طلب مبالغ كبيرة دون ايضاح الجدوى من المبالغ, مواقف ساخرة معبرة عن إستهزاء الطبقة السياسية بالناخب وحقوق المساواة التي أقرها الدستور, فما بال من يكون حلاقه شعره في لبنان او تقويم اسنانه في الاردن او عمليته الجراحية في لندن او ذهابه وذويه للحج بصورة متكررة كل هذا على نفقة الدولة, في حين شعب مشكلته الأساس الأمن والغذاء والدواء, يتمتعون في المدن السياحية العالمية وفنادق الخمسة نجوم ايام الأعياد, ومبالغ تنفق لا تتناسب مع الرواتب التي يتقاضونها, بعيد عن قضايا المواطن وهمومه وتصديه للإرهاب وصعوبة العيش, يؤشر الى سوء إستخدام السلطة وإستغلال المنصب الوظيفي والحصانة, أرقام تجاوزت الخيال في الانفاقات حيث تجاوز الترميم بناء مؤوسسة كاملة, وغياب التخطيط والجدوى من المشروع, وأخرى تأخذ اكثر من السقوف الزمنية دون رقيب, نواب الشعب الكثير منهم إنغمس في ملفات الفساد واستغل الحصانة للإبتزاز وتمرير مشاريعه الخاصة, استخدم الحصانة للأفلات من العقاب, تسمح للجاني بالسفر والتنقل ونهاية المطاف ان يلغي الجنسية العراقية ويتمتع بالجنسية الاخرى دون ملاحقة قانونية.