ان النظام الديمقراطي كوسيلة من وسائل الحكم بات يتعرض للتصدع في كثير من البلدان ، اذ قد بدا ان التعريب لايصلح لكثير من الاقوال والأفعال ، لاصطدامه ببعض الثقافات والهويات..
ذلك ان من ركائز هذا النظام ان يرضخ صامت لمتكلم بحجة انه ألأغلبية، أي بمعنى ان رأيهم وقولهم هذا ملزما للجميع حتى من سكت عنهم !!!
وسرى ذلك الالزام الى نطاقه والى محله ولم يتوقف على أثاره، وحمله كل جانب معنى يختلف عن معنى الطرف الاخر، وعن معنى الالزام ذاته !!
فالاكثريون يرون انه يجب التسليم والقبول بقراراتهم من الكل، لانهم يمثلون الشعب ومن صمت ليس منه، وليس لغيرهم إلا السمع والطاعة والانتظار لحين اكمال مدتهم ....
اما الاقليون فيذهبون للقول اننا نعمل بكل ما يشكل او يدخل في باب حفظ البلد ولو كان ذلك بلا موافقة او رضا الاكثريون، وان صمتنا عنكم لا يعني الصمت على خراب البلد او فقط اللجلجة والكلام كمعارضة !!!
اما من حيث محل الالزام، فأن الاخيرون ينظرون اليه انه يضاف الى ادارة الحكومة والدولة، في حين يرى الاقليون انه ينصب فقط على الحكومة، ويخرج منه كذلك ما يؤدي الى هويان الحكومة في وادي التسلط......
لذا يجب التأكيد والحرص على القول ان الديمقراطية تنسجم مع الشعوب التي يجمعها هاجس واحد او مبدأ كلي ...
ومع ذلك حتى لاينتابنا الصمت دوما يمكن القول ان بالامكان فرض انظمة اخرى تحكم الدولة، تحفظ بها الهويات والثقافات التي لم تنجح الديمقراطية في تسيير امورها، الا وهو مبدأ: " المهايأة " ...
والمهايأة في اللغة: مفاعلة من هايأ. وهي الأمر المتهايأ عليه، وتهايأ القوم تهايؤًا من الهيئة: جعلوا لكلّ واحد هيئةً معلومةً والمراد النّوبة.
وقيل المهايأة: بضم الميم من هايأه على الأمر، اتفق معه عليه..
ويعني ذلك اصطلاحا: بأن يتواضع المتشاركون على أمر بالطوع والرضا فيتراضوا به، بمعنى أن كلاًّ منهم يرضى بحالة واحدة ويختارها.
وتنقسم الى مهايأة بحسب الزمان ومهايأة بحسب المكان:
اما " المهايأة الزمانية " فنعني بها تناوب اشخاص على الحكم لمدة تتناسب مع ثقلهم السكاني، تتجدد اذا رغب الاخرون بذلك ...
و" المهايأة المكانية " فتعني ان يتولى اشخاص ادارة جزء من ارض الدولة يمثل محل اقامتهم وتواجدهم ..
وبهذا تكفينا " المهايأة " شر الانقسام عند التقاسم، مع كفالة الهويات والثقافات، وهي احد الحقوق الشخصية المصانة المحترمة ......