عندما تتهاوى الأخلاق وتتساقط القيم |
حاولت جاهدا أن أكتم غضبي وأمنع قلمي عن الكتابة فلم أفلح , لأنّ مشاعر السخط والغضب كانت أقوى من إرادتي على التحمل والسكوت , فما سمعته من النائب كمال الساعدي الذي أعرفه عز المعرفة , حول موضوع علاج النوّاب قد وضعني أمام مسؤوليتي الوطنية والأخلاقية في كشف حقيقة هؤلاء النوّاب الذين ابتلانا الله بهم . وكمال الساعدي الذي أتحدث عنه , كان معروفا بالشيخ أبو قاسم عندما دخلت الدنمارك عام 1995 , والشيخ أبو قاسم هو أحد المسؤولين عن حسينية الشهيد الصدر في كوبنهاكن , هو وأبو حسنين الرميثي الذي هو عدنان الأسدي والشيخ أبو جعفر العلاق الذي هو النائب علي العلاق , وهذه المؤسسات كانت تفتح بعنوان مراكز ثقافية للأطفال , وتتقاضى دعما ماليا من الحكومة الدنماركية بمقدار 90% , والشيخ أبو قاسم كان يملك محلا صغيرا ( ملحمة ) لبيع اللحم الحلال في العاصمة كوبنهاكن , لكنه فشل في إدارة هذا المحل مما اضطره لبيعه , وبعد ذلك أصبح على نظام المساعدات الاجتماعية , ويتردد على حسينية الصدر لإلقاء المحاضرات الدينية والأخلاقية في هذه الحسينية بالرغم من محدودية وعيه وثقافته قياسا مثلا بغالب الشابندر وغيره من الذين حضرت لهم بعض هذه المحاضرات في حسينيات أخرى . وبالرغم من أنني لم أشاهده يلبس العمامة , إلا أنّ الذين كانوا معه في إيران يقولون إنه كان معمما واستبدل العمامة بكوفية بيضاء ولحية عندما دخل إلى الدنمارك , وتفاجئت عندما تخلى عن هذه الكوفية واللحية عندما أصبح نائبا في البرلمان العراقي , فقلت في نفسي سبحان مغيّر الأحوال من حال إلى حال , وموضوع الزي هو أمر شخصي ولا يشّكل إدانة للشيخ أبو قاسم أو لغيره من الذين استبدلوا زيّهم السابق وأصبحوا يلبسون الأربطة الأنيقة والبدلات الفاخرة والغالية الثمن , لكنّ حديثه عن الفساد الذي يعرفه هو شخصيا وتبريراته لما يسمى بفضيحة علاج النوّاب هو الطامة الكبرى , ويا ليته لم يخرج ولم يتحدث للناس بهذا الحديث , على الأقل حتى يبقى محافظا على جزء بسيط من احترام الناس له , ولو أنّ موضوع السبعين مليون دينار الذي أخذها من المال العام بعنوان العلاج قد أسقطته إلى الحضيض هو وحزبه ومن جاء بأصواته نائبا . فهو يقول أنّ مهامه كنائب في البرلمان تنحصر في تشريع القوانين والرقابة على عمل الحكومة , وأنا لا اسأله عن تشريع القوانين , فالشعب يعرف جيدا أن هذا البرلمان لم يشرّع قانونا واحدا من القوانين المهمة التي ينتظرها الشعب العراقي , لكني اسأله عن دوره الرقابي باعتباره عضوا في لجنة النزاهة النيابية وأقول له أين هو دورك يا شيخ أبو قاسم في كشف الفساد الذي ابتلع الدولة العراقية بكل مؤسساتها ووزارتها ؟ فلم نسمع يوما أنّك قد كشفت ملفا واحدا لهذا الفساد المستشري ؟ وهل فرّق الدستور بينك كنائب وبين أي عراقي آخر في الحقوق والواجبات ؟ فلماذا يسمح لك ولغيرك من النوّاب بأخذ هذه الملايين وتمنع على مئات الآلاف من المرضى من أبناء الشعب العراقي الذين هم فعلا بحاجة ماسة إليها من أجل إنقاذ حياتهم من الموت ؟ وكم من مريض مات بسبب عدم تمكنه من السفر و العلاج خارج العراق ؟ وأين هي أخلاق علي بن أبي طالب التي كنت تتحدث عنها في حسينية الصدر في كوبنهاكن والذي ساوى في العطاء بينه وبين عامة المسلمين عندما كان خليفة لهم ؟ أهذه هي أخلاق علي التي كنتم تتحدثون عنها قبل سقوط النظام الديكتاتوري ؟ أم أنّ بريق السلطة والمال قد أعمى بصركم وبصيرتكم ؟ . فإذا كان البعض يخاف أن يتحدث ويواجهكم بحقيقتكم أيها الدعاة المزيّفون . فها أنذا اقولها دون أي خوف أو وجل , العيب كل العيب في أن تكون أنت يا كمال الساعدي نائبا وتمثلني , والعيب كل العيب في الحزب الذي اختارك أن تكون نائبا , والعيب كل العيب في النظام الانتخابي الذي جعلك نائبا باصوات نوري المالكي , والعيب كل العيب برئاسة البرلمان والقضاء العراقي إن لم يستدعيك للتحقيق فيما أعلنته من معرفتك للكثير من ملفات الفساد , واسمعها مني يا كمال الساعدي , إنّ الشعب الذي وضع ثقته بكم وأوصلكم للسلطة هو الذي سيزيحكم عنها وهو الذي سيقتصّ منكم واحدا واحدا . |