كثيرة ٌ الأوهام التي رفعناها الى مسلمات وتصرفنا على أساسها وعلى رأسها الكذبة العظمى –المؤامرة- فهي التسمية المغلوطة للتأثير الحتمي للدول احداها على الاخرى انها كما القانون الكوني الكوكب الاكبر يؤثر على الاصغر وهذا التأثير اما ان يكون ايجابي " وتلك الايام نداولها بين الناس " او سلبي " افحسبتم ان توليتم ان تفسدوا في الأرض ...." وذلك تبعا ً للقوة المؤثرة التي اما ان تكون شريرة او خيرة الى حد ٍ ما .
والذين يقولون بمؤامرة قطر والسعودية ضد التجربة في العراق يتغاضون عن مؤامرة ايران فاذا كانت هذه الدول [ تتآمر(تؤثر ) ] فأين دور [ المؤامرة ( التأثير) ] الإيراني أما ان يكون الجميع يتآمر او ان الجميع يؤثر لكن يبدو ان هناك انتقائية فما يُقبل يسمى تأثير وما يُرفض يُسمى مؤامرة .
وحقيقة الامر انه يوجد تنافس بين الدول على التأثير فكلما زاد نفوذ الدولة - نجاحها - سياسيا ً واقتصاديا ً وعسكريا ً زاد تأثيرها وحتى العراق لم يتردد ان يرفض ما جرى في البحرين وساند المعارضة وفي الازمة اليمنية ساندت الحكومة الحوثيين اعلاميا ً كما عرض احد رجال الدين التوسط بين الحكومة والحوثيين !! كل هذا حصل بوقت كان وضع العراق فيه اشبه ببائعة هوى ملقاة على سرير لا تملك ان ترد من شاء مضاجعتها لكنه رغم ذلك لم يستثني نفسه من التآمر –التأثير- على محيطه الاقليمي .
ان اصرار الانظمة المتعاقبة على تسمية التأثير ﺑ - المؤامرة - لا ينبع من قصور فكري بل على العكس من وعي تام بالموضوع لكن من رغبة باستغلاله للإيهام بضرورة وجودها فيعيش الزعيم جماهيرية وبطولة زائفة لكن حقيقة الامر ان المجموعة الحاكمة تبحث عن استمرار وجودها من خلال خلق منظومة علاقات ومعادلات ومساومات وتفاهمات مع المحيط الاقليمي وهي بين الحين والحين تستشعر الخطر بوجود قوة اقليمية تحاول تغيير ميزان العلاقات هذا واستبداله فيبدأ جرس الخطر يدق لديها قلقا ً على وجودها .
ومن اراد صادقا ًان يحافظ على منجزات شعبه او ان ينجز له رغم المؤامرات فعليه بخلق المؤسسات اذ لا تستطيع قوة ان تزيل المؤسسات لكنها تستطيع بالتأكيد ان تطيح بالفرد الجماهيري او بحزبه الحاكم كما عليه ان يعزل الدولة عن الحكومة _ وهو ما قامت به ماليزيا والصين وأوصل شعوبهما الى القمة رغم السلبيات السياسية فيهما فالصين عملاق شيوعي يزدري الحرية _ لكنه خيار غير مطروح بالنسبة لنا لأنه يعني تجريدهم من صلاحياتهم فالموجودين بالساحة السياسية ملؤهم عداء للمؤسساتية يقدمون انفسهم كأصنام مرة صنم ديني وأخرى ديني سياسي وثالثة صنم علماني ولا استثني منهم احدا ً اللّهم إلا كأصابع اليد الواحدة .
اننا بحاجة الى دولة مؤسسات لكننا نصر على خلق القيادات فالمكرمة الصدامية استبدلناها بالهدية المالكية ونظام الحزب الواحد استبدلناه بنظام الحزب الحاكم وجداريات القائد العام للقوات المسلحة بدأت تكتسح نقاط التفتيش وبدأ يتحدث عن ابنه ويقدمه اعلاميا ً بعد ان وضعه بالواجهة وطالما تساءلت ماذا لو قام شخص غاضب او يتظاهر بالغضب بمهاجمتها فماذا سيفعل رجال السيطرة حتما ً سيضربونه لكن ان اعتقلوه فأي تهمة ستوجه له اعني ضمن أي مادة قانونية وهنا المأساة الكبرى فان شملته مادة قانونية فهذا يعني اننا لا زلنا نصر على تأسيس الديكتاتورية ونعتقل بتهمة التهجم العلني كما كان رفاق الحزب البعثي يعتقلون من يتهجم لسانا ً او يدويا ً على جدارية رغم تعاطيه للخمر او الأقراص المخدرة.
وبالحقيقة فلا امانع ظهور دكيتر شيعي فهو اهون بعشرة الاف مرة من دكتاتور سني لكن الخطر الحقيقي يكمن في ان هكذا نظام بدأ بخطواته نحو الفردية سيبدأ بفقد قدرته على المرونة المطلوبة لأستمراره.
يخطيء من يظن انه قادر على مواجهة التأثيرات (المؤامرات) بالجماهيرية , إذ انها لم تجد الزعيم عبد الكريم قاسم نفعا ً كما ان الصين لم تنهض إلا بعد زوال كابوسها معبودها وطاغيتها ماوتسي تونغ اما الذي يحّول مؤسساتها - الدولة - الى احتكارية للموالين ويقوم بتعيين احد المشهورين بالفساد على رأس عدة مديريات فرعية داخل احدى مديريات ذي قار لا لشيء سوى انه يوالي الحزب الحاكم او قيامه بالسيطرة على المؤسسات المستقلة من اجل ان تنتهي اليه كل خيوط اللعبة لعبة الاستمرار بالسلطة على مرآى ومسمع من الكتل السياسية التي لا باس لديها في ذلك بضمان بقاء حصتها بالمعادلة الموجودة - فهو المتآمر الحقيقي على شعبه لانه هو من ابتلع الدولة بحكومته وهو ما تعجز عنه المؤامرة الخارجية .
هكذا حكومات لها ميزتان : اولهما التطبيل الإعلامي - على غرار الانظمة الشمولية - لأنها من سنخها وهو مآلها , فالاعلام العراقي لم يتورع عن الخداع واعتبار القمة ناجحة رغم مقاطعة دول الخليج لها ولا ادري ماذا كانت ستفعل قطر والسعودية بأكثر مما فعلتا لكي توقفه عن تطبيله وان نجحت بإسكاته اخيرا ً والسبب هو البحث عن نجاحات تفيد النظام فهي اكثر جدوى له ولبقائه من النجاح بتوفير الكهرباء او القضاء على الفساد الملياراتي .
الميزة الثانية : استجداء القبول من الاخرين فهي لا تمل الوقوف على أبوابهم ومعاودة قرعها مهما طردت وبالتالي انسحاب الاستذلال على شعبها لأنها تمثله بل انهم رحبوا حتى بالمطلوب دوليا ً الرئيس السوداني رغم كونهم نظام ديمقراطي في حين كان عليهم ان يقدموه قربانا ً للمجتمع الدولي المتحضر – الذي خلقهم - فيعلنوا رفضهم استقباله واستعدادهم لتسليمه بل ويصرون على علاقات وصفقات مع دول لا تحترم حياة الانسان كروسيا وصربيا التي أقامت مجازر بحق الانسانية وبحق شعبها المسلم المسالم .
لكنهم يستحيل ان يقدموا عليه لأنهم يبحثون وان بانتهاك القانون الدولي عن بيئة اقليمية تؤمن استمرارهم رغم اخطائهم الجسيمة من نزاهة قل غيابها وكهرباء قل انقطاعها ناسين ان مستقبلهم مع الشعب وتوفير احتياجاته والاخلاص له وليس على ابواب دول الجوار ولا بالمعادلات الاقليمية .