الانسان خلق للحياة

 

نعم الانسان خلق للحياة ومن اجلها  ليبنيها  ليعمرها ليخلق منها جنة لا ظلام ولا جوع ولا فقر ولا جهل فيها

الانسان خلق للحياة ليكون خليفة الله في ارضه يعني لينفذ ارادته لهذا فقرب الانسان من الله وقرب الله من الانسان يتوقف على ما يقدمه للحياة من خير وفائدة وتضحية للناس جميعا وبعد الانسان من الله وبعد الله من الانسان هو ما يقدمه من شر ومضرة  ودمار للحياة والناس

فالله خلق انسان اخلاقه وقيمه انسانية لم يخلق عربي فارسي كردي تركي انكليزي فرنسي روسي امريكي ولا اخلاق عربية كردية فرنسية امريكية كل ذلك نتيجة لظروف مر بها الانسان  كل ذلك مخالف لارادة الله لرسالة الله للحياة والانسان فالمقصود بالاية الكريمة التي تقول انا خلقناكم  شعوبا وقبائل لتعارفوا  اي لكل منا رأيه وفكره ووجهة نظره  ودعوة كل انسان الى طرح رأيه وجهة نظره فكره  ونتيجة لهذا الطرح يبدأ النقاش والحوار وهذا هو الذي يحقق التقارب والتعارف

فالانسان خلق حرا  وهذا يعني انه حرا في طرح افكاره ووجهة نظره وموقفه بحرية  تامة وبقناعة ذاتية  لهذا لا يجوز وضع اي قيود او حدود او شروط

الويل للانسان من  العقول المقيدة فان كل ما في الارض من شر وفساد سببه هذه العقول المقيدة المغلولة وكل ما في الارض من خير وصلاح سببه العقول الحرة

فالمصحف الكريم يعطينا صورة واضحة لحرية عقل   مخلوقات الله سبحانه وتعالى

المعروف ان ابليس احد مخلوقات الله سبحانه وتعالى  عندما امره الله ان يسجد لادم  رفض ابليس السجود اي  انه رفض تنفيذ امر الله لم يأمر الله بمعاقبته لم يجلده لم يذبحه بل انه سأله لماذا لم تسجد 

فرد ابليس انك خلقتني من نار وخلقته من طين والنار ارقى من الطين اي انه غير مقتنع بالسجود لادم ومن خلال  رد الله سبحانه وتعالى يظهر ان الله كان  راضيا بموقف ابليس ومؤيدا له  بل كانت دعوة لكل  مخلوق من اهل العقول اي لكل انسان ان يكون حرا في قناعته

بل ان ابليس زاد في  تمسكه في رأيه  والتزامه في وجهة نظره بانه سيقوم بطرح  رأيه وفكره ووجهة نظره بين الناس جميعا

فكان رد الله سبحانه وتعالى مؤيدا لهذا الموقف لموقف ابليس من تمسكه بموقفه وفكره وقال له انت حر لكنك لن تستطيع ان تغير كل الناس فهناك عقول ربما ارقى منك لهذا ليس لك قدرة على تلك العقول

لا شك ان هذه الايات الهدف منها حث الانسان على التمسك برأيه ووجهت نظره ويصر على طرحهما  وفي نفس الوقت يستمع الى اراءا وافكار الاخرين فالقضية ليس مجرد تمرد وعصيان من قبل ابليس على الله بل دليل على ان الله خلق مخلوقات عاقلة اي تملك عقل والعقل لاينموا ويثمر الا اذا كان حرا لهذا فالايمان يعني الحرية والكفر يعني العبودية اي تقييد العقل كفر لان تقييد العقل يعني قتله والعقل هو روح الله التي  جعلها الله في الانسان لهذا فالله في العقل الحر

ومن خلال طرح الافكار ووجهات النظر بقناعة ذاتية بدون اي ضغط سواء ترهيب او ترغيب وفي نفس الوقت الاستماع الى اراء ووجهات نظر الاخرين باحترام وتمعن تولد افكار جديدة تدفع الانسان الى خلق افكار واراء جديدة نتيجة لتلاقح الافكار فالافكار تتلاقح  ونتيجة لهذا التلاقح  تولد افكار جديدة وما هذه الاختراعات والاكتشافاتالا نتيجة لذلك التلاقح بين الافكار والاراء ووجهات النظر

لهذا على الانسان ان يطلع على اكبر عدد من الافكار والاراء وكلما اطلع على اكبر عدد من الاراء والافكار كلما  ادرك الله اكثر وفهم الله اوسع وتقرب الى الحقيقة اسرع  

فالله لا يتقرب الا من اصحاب العقول الحرة  لانهم هم الذين يبنون الحياة ويزرعون الخير وينشرون النور والمعرفة في الارض في حين يبتعد   عن اصحاب العقول المقيدة لانهم يخربون الحياة ويزرعون الشر وينشرون الظلام والجهل في الارض

لا ادري كيف يأتي  شخص  يملك عقل مقيد ويفرض نفسه انه يمثل الله ويأمر بتقييد العقول ومنعها  من التمتع بالحرية المطلقة لا شك انه يبعد الناس عن الله ويبعد الناس عنه فالعقول المقيدة لا تعرف الله ابدا بل انها تحاول ان تنزل الله اليها ولا ترتفع اليه كما انها تفهمه وتعرفه حسب مستواها المتخلف وحسب رغباتها الخاصة وشهواتها المريضة لهذا كل واحد من هؤلاء خلق له الله خاص به واعلن الحرب  بعضهم على بعض باسم الله وانه يطبق ارادة الله الذي خلقه

في حين  نرى اصحاب العقول الحرة متفقون على الله وعرفوه وفهموه الفهم الصحيح السليم وارتفعوا اليه لهذا لا ترى اي صراع ولا حروب هدفهم جميعا عمل الخير ونشر النور والحب وبناء حياة حرة كريمة