المعادلة المقلوبة .. الشعب يُحقق المكاسب لنوًابه ..!!


ونحن على أبواب الأنتخابات الثالثة للبرلمان , المقررة حسب الدستور في موعدِ لايتجاوز الثلاثين من نيسان القادم , لازالت مماحكات أطراف السلطة توحي بأمكانية تأجيلها كأحد الخيارات المطروحة بقوة فيما لو فشلوا بالأتفاق على صيغةِ نهائية لقانونِ ينظمها , بعد قرار المحكمة الأتحادية القاضي بعدم شرعية توزيع المقاعد التعويضية التي أعتمدت في الأنتخابات الماضية , والتي أستحوذت بموجبها الكيانات الكبيرة على مايقرب من مليوني صوت بحجة عدم أجتياز الكيانات الصغيرة العتبة الأنتخابية , فكانت تبعات ذلك برلماناً مفصًلاً على قياسات الكبار ونواباً لم يحصل غالبيتهم على ماحصل عليه أقرانهم المستبعدين , وأداءاً ضعيفاً ساهم في حدة الأنقسامات وتصاعد وتائر العنف الذي اعتُمدَ مبرراً رئيسياً لكل تفاصيل الخراب . المفارقة أن الخراب الذي يحاصر الشعب هو برداً وسلاماً على نوابه , والدلائل ماثلة بوضوح وبالالوان أمام أنظار القاصي والداني ممن أنتخب هؤلاء أو من المقاطعين للأنتخابات الماضية , والأمثلة على ذلك لاتعد ولاتحصى , فكل المعروف من تفاصيل بالتأكيد لايُمثل الا نسبة مما يحدث فعلاً, ومايُعرض في الأعلام ( بغض النظر عن أغراضه ) لايمثل الا الجزء البارز من الكتلة السوداء التي لاتستطيع أطراف الفساد تخفيف تأثيراتها الكارثية على حياة المواطنين ومستقبل البلاد . العراقيون يحتفظون بتراثهم بمايُدَلل على النباهة في البحث عن الحقيقة , وليس عبثاً ماقيل عن سلامة نظرهم حتى في ( اللًبن !) , وبيوت الزجاج للمسؤولين ومنهم النواب تحديداً لاتخفي خزائن ساكنيها منذ أن كان الأعلام سقيفةً في الصالحية لايُسمع صوته خارج حدود بغداد , فكيف بهم اليوم والفضاء مفتوح وبالصوت والصورة ومن أقصى الأرض الى أقصاها ؟ . ليسَ عبثاً تَذّمًر المواطن العراقي مما رست عليه سفينة آماله , وليس شجاعةَ وذكاء ما يفتعله السياسيون من أزماتِ يهربون بها عن واجباتهم الحقيقية أتجاه شعبهم , وليس شرفاً سياسياً نظيفاً أن يتناسى النائب وعوداً أطلقها لناخبيه وعموم شعبه خلال حملته الأنتخابية , وليس أخلاقاً أنسانية أولاً وعقائدية ثانياً أن تتصاعد أرقام محفظتهِ على حساب الفقراء الذين أنتخبوه , فالحساب يبدء بالضمير وأِن تَبَلًد سينتقلُ الى العسير , ذاك الذي سيفرضه الناخبون عليه وعلى المؤسسات القانونية التي تحاسبه وفقاً للدستور , ومن كان له حائطاً اليوم يفصلُ بينه وبين القانون فأن حائطه سَيهدمه العراقيون غداً وسيقف عارياً محملاً بأثقاله . لقد أجتهدَ فريقُ السلطات خلال العقد الماضي في سياسة الترويض المفضية الى بقاء الحال على ماهو عليه , وأعتمَد ( مع الأسف ) على أساليب أقل مايقال عنها أنها غيرنزيهة , حصد من خلالها مكاسب يُفترض أنها مخصصة للشعب الذي أنتخبهم , ولانريد هنا أن نصفهم بمايسمح لنا أدائهم المتعارض مع خزين ملفاتهم في مراحل نضالهم ضد الدكتاتورية , على أملِ بتراجعهم عن الأساليب التي كانوا يناضلون ضدها لتحقيق المصلحة العليا للعراقيين في وطنِ يحتضن الجميع ويُبنى بسواعد الجميع . على الجانب الآخر ( وهو الأهم ) , على القوى والأحزاب التي فقدت أصوات ناخبيها ظلماً في الأنتخابات الماضية , أن تقوم بواجبها الوطني والأخلاقي والمستند لقرار المحكمة الأتحادية الرافض لآستحواذ الكتل الكبيرة على المقاعد التعويضية , بنشاطات مستمرة ومتصاعدة لتحقيق العدالة من خلال تعديل قانون الأنتخابات ليكون الخطوة الأولى لوصولها الى برلمان متوازن وفعال يدفع باتجاه أعادة المعادلة المقلوبة من مواطن في خدمة النائب الى نائب في خدمة المواطن .