هل نحزن على العراق أم على جواز السفر؟ |
البيان الذي أعلنه الدليل الدولي Henly&Patners أخيراً بوضع الجواز العراقي ثاني أسوأ جواز سفر على مستوٍى العالم، وقبله أفغانستان وبعده الصومال، أثار حزن جميع العراقيين المحبين لبلدهم، ما عدا مستوطني المنطقة الخضراء. فمكانة الاعتبار لا تصنعها دعايات وإعلام ذلك البلد مهما تبجح. جاءت هذه النتيجة بسبب إسقاط السيادة العراقية منذ الاحتلال العسكري عام 2003، ففي الوقت الذي يوضع الجواز البريطاني في بداية السلم أي الأرقى بالاعتبار حتى قبل الجواز الأميركي، فهذا يدل على مكانة بريطانيا في العالم، ولذلك نجد حاملي الجوازات البريطانية والأميركية يجوبون بلدان العالم دون أن تتلطخ صفحات جوازاتهم بمساحات واسعة لتأشيرات الدخول أو أختام الخروج والدخول مرفوقة باستفسارات وتدقيقات طويلة من قبل حماة الديار العربية موظفي الجوازات. وإذا كان حامل هذا الجواز من أصل عربي فتكثر حوله الأسئلة خوفا على الأمن الوطني من الاختراق، في حين يدخل الجندي الأميركي أو البريطاني أراضي الأوطان العربية محتلا غاصباً بلا جواز أو فيزا. لاشك إن حالة الجواز العراقي لم تبدأ في العام 2003، بل بسبب وقوع العراق تحت أحكام الفصل السابع عام 1990 وفق قرارات العزل والحصار الدولي الشامل، ومنع انتقال الأموال العراقية عبر البنوك العالمية. كان الجواز العراقي قبل عام 1990 من أقوى الجوازات العربية احتراما مثلما كانت عملته النقدية. ولم يتمكن الكذابون المرتزقة داخل المعارضة العراقية قبل عام 2003 من تمرير مخادعة البطل الأميركي حامل الزهور والرياحين بعد ساعات من الاحتلال. حاولت تلك المخادعة تمرير الكثير من الأوهام ومن بينها إن العراقي سيحمل جوازه ذا الثلاثة لغات (العربية والكردية إضافة للإنكليزية) وقد يطالب التركمان يوماً بأن تتضمن لغتهم جواز السفر العراقي، في حين إن الجواز الأميركي وكذلك الجواز البريطاني يحملان لغة واحدة، وكانوا يدعون بين بعض الأوساط بأن الجواز العراقي الجديد سيعبّر عن مهابة الدولة الجديدة، وسيستل المواطن العراقي جوازه الأخضر القوي كالسيف ويضعه على طاولة موظفي الجوازات خارج بلده بقوة مثلما يفعل السعودي أو الإماراتي أو غيرهما. يتساءل المواطنون العراقيون البسطاء خصوصاً ممن يسافرون خارج وطنهم وهم غالبية أبناء الشعب العراقي: ما هي مقاييس قوة الدولة ومهابتها بعد نهاية عهد موصوف بالدكتاتورية والفردية؟ أليس الاستقرار الأمني مقياساً، وهو مفقود في العراق؟ أليس توفر خدمات الماء والكهرباء والصحة والتعليم مقياساً، وهي غير متوفرة في العراق؟ أليست قوة الدينار العراقي وفق واردات البلد المالية المليارية الحالية تؤهله ليضاهي في قوته الدينار الكويتي أو الريال السعودي أو الباوند البريطاني مثلما كان سابقا. سقوط جواز السفر العراقي والنقد العراقي مؤشران موثّقان من قبل منظمة الشفافية الدولية ودليل Henly&Patners على مهابة العراق ودولته التي يبحث المواطن عنها في أروقة المدعين «بأن العراق أنموذج يجب أن يحتذى في المنطقة».
|