الارهاب ما زال طليقا، يصول ويجول، يختار اهدافه بعناية وفي الاوقات التي يريد، ضرب ايام العيد في كركوك والموصل وتكريت، وكانت بغداد هدفه الرئيس وهي التي جرى الاعلان عن ان لها خطة امنية خاصة مكثفة ومحكمة، لا يستطيع طير من القاعدة اختراقها، ولم تمض دقائق على تصريحات مسؤولين عن الملف الامني عن نجاح خطة العيد وظهور الزهو عليهم، حتى كانت العبوات والمفخخات تمزق كلماتهم، وليخيم الوجوم والحزن، بديلا عن كلمات التهنئة والامنيات. المشهد اصبح تراجيديا، فمدننا تحترق والناس تنزف والمتنفذون ما زالوا يصرون على الاعلان عن تحقيق الانتصارات وزيادة عديد القوات وتكديس الاسلحة، ويصادف ان يذهب عشرات العراقيين ضحايا للارهاب فيما يعلن عن استلام اولى الدفعات من صفقة الاسلحة الروسية التي قيل ما قيل فيها، وما اشر من فساد، ولكن كل شيء مر بسلام وأمان، فلم كانت الضجة اذن؟ ضاعت علينا الحقيقة، فلا البرلمان يسأل، ولا هيئة النزاهة تساعدنا على فك الغازها، وبقيت اسرارها مع الراسخين في العلم من اهل المنطقة الخضراء التي يبدو ان الهم الاساس للمتنفذين فيها هو تحويلها الى قلاع ايام زمان، وقد يطالبون لها بحصانة الفاتيكان! فالمهم سلامة من هم فيها وليحترق الناس، ابناء الكادحين والفقراء والاطفال، الذين لاحقهم الارهابيون في المنتزهات المحدودة الفقيرة اصلا، وحيث لا بديل لهم لتمضية ايام العيد، فمن اين لابناء الملحة هؤلاء الاموال للسفر الى خارج العراق او مدن اخرى، كما فعل العديد من المسؤولين التنفيذيين والبرلمانيين؟. عشت لحظات الانفجارات، وهزني من الاعماق مارايته من قسوة ووحشية، ولا انسانية هؤلاء القتلة المجرمين، اقسم انهم ليسوا من البشر في شيء، بل حتى كلمة الضواري قليلة عليهم، هم لم يسمعوا حتى بتعاضد الحيوانات وتضامنها! بالقطع هم بلا دين ولا مذهب، ولا طائفة ولا قومية لهم، فمن العيب المشين اسناد افعالهم الدنيئة الى أي من هذه الاسماء، والعيب الاكبر ان استند اليها بعض المتنفذين ليبدأوا حملتهم الانتخابية المبكرة بتاجيج طائفي مقيت! وهالني ما رايته من فوضى، ما بعدها فوضى في الاماكن المستهدفة، فجثث الضحايا والجرحى قد يطول بقاؤها، وقد تفوت فرص، يبدو انها عديدة، لو جرى التعامل مع الجرحى في الوقت المناسب، فطريقة النقل بدائية بحتة وعشوائية، والمشكلة الاكبر ما يحصل في اقسام الطواريء في المستشفيات من تدافع وزحام وقلة الكادر الطبي، والطبيب الواحد المتدرب لا يدري ما يفعل! وجراء هذا يبدأ المواطنون بالصراخ والعويل وهم المنكوبون بذويهم واقاربهم واصدقائهم، وكنت اتمنى لو ان احدا من المتنفذين، المتباهين بانتصاراتهم الدونكوشيتية كان حاضرا في تلك اللحظات، اغلب الظن انه كان سيلقى ما يطيب خاطره ويعينه على جمع الاصوات لقادم الايام!. انها صور ماساوية وكارثية، فلا الدولة ومؤسساتها قادرة على حماية مواطنيها من فلتان الارهاب، ولا هي قادرة على اسعافهم في الوقت المناسب!.
|