منذ اكثر من أربعين عاما وحتى اليوم لاتزال وزارة التربية ( وزارة المعارف أيام كان ياما كان ) تقتحم آذاننا بضجيج متكرر النغمة أسمه ( منع الدروس الخصوصية ) ، ترافقه حزمة من قرارات التهديد والوعيد بشأن المخالفين و التي اصبحت مملة أيضا ولم يعد أحد يبالي بها .
لاتزال وزارة التربية تجهل تاريخ الدروس الخصوصية الذي لا يمتد الى أكثر من عشرة عقود من زمن العراق المعاصر وحسب ، بل ألى مئات من السنين خلت ، ولا تزال تجهل اسباب اللجوء الى هذه الدروس ، فهناك صنفان من الطلبة :- صنف يسعى الى الاستزادة وآخر يرغب التعرف على ما فاته في المدرسة.
المشكلة الكبرى في الصنف الثاني الذي يفوته دائما كل ما يحاول الاستاذ اعطاءه .
لكن هناك المدرس الأنسان ( المعلم أيضا و من كلا الجنسين ) الذي يعاني من معوقات جمة تقف أمام أداء واجبه على اكمل وجه . أنا أتكلم عن المدرس العراقي الذي في غالبيته مخلص لمهمته وشريف وليس كما وصفه أحد المتطفلين على ألعملية ألتربوية.
من المعوقات التي تهاجم المدرس يوميا سأذكربعضها صعودا :-
- تصميم المدرسة الذي يشكل براد لحوم في الشتاء و فرن خبز في الصيف ، فضلا على كونه تصميما متخلفا وفي احيان كثيرة هي ابنية قديمة متآكلة .
- عدم توفر غرف راحة للمدرس (في كل طابق من المدارس المتعددة الطوابق ) فيها من المستلزمات الادارية ( ماء في الاقل وأثاث محترم ) ما يعينه على الاستمرار في الحصة التالية بعد الاستراحة .
- لا توجد منضدة خاصة للمدرس في غرفة الدرس وهي من ضروريات أحترام هذا الانسان وليست غرضا من اغراض الترف كما قد يتخيله بعض المسؤولين المكتبيين .
- المدرس قلق جدا على سيارته المركونة خارج المدرسة ، في حين تتوفر مساحات كبيرة في غالبية المرارس لاستيعاب هذه السيارات ،غير أن التعليمات ألأمنية الغبية مصرة على أستمرار قلقهم !
ربما يصف مسؤول مكتبي هذه المعوقات بالتافهه لكني أقول انها من اولويات أحترام المدرس في الدول التي تسعى لوضع مواطنيها في مقدمة شعوب العالم . ما رأيك حضرة المسؤول في المعوقات الاخرى والتي لا تقل اهمية عن التي ذكرتها اعلاه والتي برزت في السنوات الاخيرة ؟؟
- تدخل أثرياء النكد وبعض المسؤولين في عمل المدرس !! هؤلاء لايكتفون بعرض الرشوة بل يهددون من يرفضها الى حد قتله "ومسح الارض بجسده وبأجساد عائلته" . وقد فعلوها مع مدرسين و مدراء مدارس واساتذة جامعات . هؤلاء لا يستوعبون كون ابناءهم أغبياء لا علاج لغبائهم .
حماية النزيه معدومة .
- غابت أجراءات السيطرة على المشاكسين والشقاوات في المدرسة الذين باتوا اشد تهديد لحياة المدرس لو حاول محاسبتهم . اليوم تجد الطالب المشاكس ( الغبي ) اقوى من الدولة .
- يتنفس المدرس يوميا أطنانا من رذاذ الطباشير العتيق مما يهدد سلامة جهازه التنفسي . أنا لا اتكلم عن مدارس المنصور أو المسبح التي قد يشرفها المسؤول يوما ما بزيارة ، لكني أتكلم عن مدارس المشتل وابي غريب والنخيب ومندلي والغراف وبدرة وجصان البعيدة عن أهتمام المسؤول .
- أزدحام الصفوف بالطلبة يجعل المدرس أمام مشكلة ألسيطرة على الصف فيضيع وقته ألمخصص أساساً لتدريس المادة .
- كثرة ايام تعطيل الدراسة !!!! يقابلها أمر مشدد وصارم الى الهيئة التدريسية بلزوم تدريس كامل المنهج . العراق ينفرد من بين جميع دول الكون بهذه الحالة ألمأساوية .
- لا توجد أجراءات رادعة بحق الادارات غير الكفوءة التي تقف بوجه المدرس المثابر والمتمكن من مادته والجاد في تنفيذ مهمته والمحبوب في نفس الوقت من طلابه . هذه الادارات تخضع لسيطرة أثرياء النكد .
أما معاناة الطلبة ( من الجنسين ) فلا تنحصر في الاتي الذي هو بعض المعاناة :-
- أسلوب طرح المادة في الكتاب المنهجي غير كافي لمساعدة الطالب على استيعاب الموضوع وخاصة مادة الرياضيات التي تكاد تشبه الخارطة الجغرافية الصماء .
- بعض الطلبة ، وخاصة المتميزين منهم ، يتعرض الى مضايقات وتجريح أمام زملائه من بعض المدرسين ( كلا الجنسين ) المرضى والمعقدين الذين لا يتوانون عن استخدام ألفاظ يعف عن ذكرها اللسان .
- غياب المحفزات والنشاطات الترفيهيه التي من شأنها رفع المستوى التفكيري للطالب وو ضعه أمام آخر مستجدات العلوم حول ألعالم .
- ذهب زمان المرشد الواعي والمثقف ( الذي يفترض فيه ان يكون ألاب أو ألأم ) الذي يوجه ويعالج المشاكل بعيدا عن انتهاك مشاعر الطالب او قذفه الى أحضان ألأحباط . بعض المرشدين عبارة عن صيادي فضائح . !
- يعاني الطلبة من تعقيد المناهج خصوصا في كتب اللغة الانجليزية والعربية والتربية الاسلامية . أحد الطلبة يقول :- انا أقرأ ألقرآن الكريم وافهم لغته ومراده ، لكني لا أفهم شيئا من درس اللغة العربية !
أستاذ بدرجة علمية مرموقة يسخر من مناهج اللغة الانجليزية بقوله :- ماذا يريدون ؟؟ شكسبير جديد من وسط طلابنا وبهذه المناهج المعقدة ؟!
طلاب كثيرون يتهمون مقرري منهج التربية الاسلامية بمحاولة أبعادهم عن نهج الاسلام الحقيقي .
- توفر عدد ملحوظ جدا من المدرسين غير الاكفاء ليس في استيعاب المادة وحسب ، بل في طريقة تدريس تلك المادة ومناقشتها . هؤلاء حدثوا وصاروا أمرا واقعا عن طريق دورات السباغيتي .
هذا قليل من كثير ...كيف تمنعون الدروس الخصوصية ، أيها ألمسؤولون وهذه الاعباء تثقل طرفي ألمعادلة ألتربوية ؟؟
ربما تجيبون بتشخيصكم لما ورد في أعلاه ..أسألكم :- وشنو اللي سوويتوه ياحضرات ؟؟!!
أحتراماتي للمدرس المتميز النزيه والطالب المتميز علماً وأخلاقاً .
|