قرار عادل.. ولكن

 

في خطوة ينقصها الكثير , المحكمة الاتحادية العليا تقرر إلغاء جميع الرواتب التقاعدية للنواب في مجلس النوّاب الحالي والسابق والجمعية الوطنية , وهذا القرار وإن كان ناقصا فهو خطوة صحيحة باتجاه إيقاف نزيف الإسراف والنهب المشرعن للمال العام , ويستوجب استكمال باقي حلقات هذا الاستنزاف وذلك بشمول الرواتب التقاعدية والامتيازات الخيالية للرئاسات الثلاث والوزراء وأصحاب الدرجات الخاصة وأعضاء المجالس المحلية .

فقضية الرواتب التقاعدية والامتيازات الخيالية , أصبحت عبئا كبيرا على موازنة البلد العامة , وهي سابقة لا ينفرد بها إلا العراق , فالرواتب والامتيازات الخيالية للطبقة السياسية الحاكمة هي جزء من الفساد الكبير الذي يستنزف موارد الشعب العراقي ويوقف عجلة التنمية الاقتصادية وبرامج إعادة البناء والإعمار للبنية التحتية التي دمرّتها حروب النظام الديكتاتوري السابق .

والمشكلة الأهم والأكبر أنّ هذه الرواتب والامتيازات الخيالية أصبحت هي الهدف وليس خدمة البلد والشعب , وبالتالي أصبح المجتمع أمام حالة لم يعهدها من قبل , وأصبح الجميع يلهث وراء المنافع والمكاسب , وتراجعت القيم الوطنية , بل تلاشت عند الغالبية العظمى من الطبقة السياسية الحاكمة , فالجماهير الغاضبة كانت تسعى قبل كل شئ إلى استعادة التوازن للمجتمع وتحقيق العدالة الاجتماعية , فلا يمكن أن تتنعّم هذه الطبقة السياسية الفاسدة بالمتيازات والأمن والرفاه , وباقي ابناء الشعب عرضة للقتل والجوع والمرض .

فقرار المحكمة الاتحادية وإن كان عادلا , لكنّه ناقص ولا يلبي طموحات الشعب الغاضب , فالاسباب التي استوجبت إلغاء رواتب النوّاب هي نفسها تنطبق على الرئاسات الثلاث والوزراء وأصحاب الدرجات الخاصة وأعضاء المجالس المحلية , ولا بدّ من إلغائها جميعا كخطوة أولى في التصدي لشبح الفساد المرعب .