لا قداسة لحاكمٍ أو مسؤول‏

 

لا مقدس إلا الله عز وجل ... ورسوله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ورسل الله أجمعين، ... والقرآن العظيم، وكتب السماء المقدسة ... وحرمات ديننا الحنيف، وما نص عليه الشرع القويم.

وما سوى ذلك من أسماء وأشخاص، قادةٍ ورموز، ورؤساء وحكام، ملوكاً وأمراء، ووزراء ونواب، وقادة قوى ومسؤولي أحزاب، وأمناء عامين وغيرهم، فلا قداسة تحميهم، ولا حصانة تحول دون سؤالهم، ولا قانون يستثنيهم، ولا عفو يشملهم،

بل يجب أن يكون سؤالهم قاسياً، ومحاسبتهم شديدة، والتحقيق معهم دقيقاً، ومراقبتهم دائمة، فهم بشرٌ يخطئون ويصيبون، ويحسنون ويسيئون، ويتعرضون لكل ما يتعرض له الإنسان،

ولذا فليس مجرماً من ينتقدهم، ولا كافراً من يخرج عليهم، ولا فاسقاً من يكشف عورتهم، ويفضح سرهم، ولا يخرج من الدين من يطالب بمحاسبتهم، أو يشكك في ذمتهم، أو لا يرضى عن ولايتهم، وليس خائناً من يرى انحرافهم، ويدرك أخطاءهم، ويكشف مؤامراتهم، ويفضح تحالفاتهم، ويسلط الضوء على سياساتهم،

ولا ينبغي أن يكون الناس كالقطيع، يسوقهم راعٍ، ويفرقهم ناعق، يسبحون بحمد المسؤول، ويمجدونه ويشكرونه، فهو المانح الرازق، وهو المعطي الوهاب، وهو المحيي فلا يميت، وهو المميت فلا يسمح بالحياة، ولا يبقي فوق الأرض من ينتقده، ولا يسمح لمن يعارضه بأن يتنفس بحرية، ويعيش بأمان، وأزلامه له يسجدون، وبه يقمعون ويبطشون، وأوامره ينفذون ولا يترددون أو يتأخرون، فمن عندهم لا يستكبرون عن عبادتهم والخضوع لإرادتهم، ولو تطلب الأمر أن يكونوا مداساً في أقدامهم، أو ركاباً يصعدون به على ظهور دوابهم، ما بقيت سلطاتهم قائمة، وخزائنهم عامرة.

لا مقدس إلا المقدس، ولا طهر إلا الطهر، ولا حق إلا الحق، ولا عدل إلا العدل، ولا صواب إلا الصواب، ومرحى بصوت الحق، وبذي اللسان السليط، الذي لا يخاف في الحق لومة لائم، ولا يخشى في الحق سلطاناً أو حاكماً، ولا يخاف بمواقفه فقراً ولا بأساً ولا رهقاً، ولا يبالي براتبٍ حجب أو منع، ولا بمكافئاتٍ تصرف أو منها يحرم، بل يعنيه دوماً الجهر بالصدق، والصدع بالحق، وإن قتل فإنه سيد الشهداء، وأعظم الرجال، مصداقاً لقول رسول الحق محمدٍ صلى الله عليه وسلم "سيد الشهداء حمزة، ورجلٌ قال كلمة حقٍ أما سلطانٍ جائر" .