فاسدين وفاسد وطنه.. بيكم

 

 الفساد تلك الآفة التي تأكل أسس وطننا، كما تأكل الأرضة سقف البيت المصنوع من الخشب، لتنزل إلى جدرانه، وقد احتل بلدنا المراتب الأولى بين دول العالم، كأكثر البلدان فساداً وتعاطيا ً للرشوة،  ولله الحمد، ولو أن هناك كأسا ً للعالم بالفساد، لكان لنا وحدنا ولن ينافسنا عليه احد من دول العالم .
ولا يحتاج احدنا لمناسبة لكي يستذكر الفساد والمفسدين، كما يجري الحديث والكتابة في مواضيع أخرى كثيرة، ضمن فعاليات الحياة ونشاطاتها المتنوعة .
والفساد في بلدنا رغم تعدد أشكاله و طرقه، إلا انه ليس إلا دليل على ضعف القانون أو طريقة تطبيقه، أو عدم كفاءة وملائمة الإجراءات الرادعة للقضاء على الفساد، ومن حق أي إنسان عراقي أن يسال : من أين أتى الفساد؟ وكيف وجد له مكانا بيننا بهذه السعة ؟ ولعل الإجابة الرشيدة، والواضحة، والمنطقية هي في البحث عن الأسباب من وراء الفساد كظاهرة، و تتبع منابعه وأسباب نشوءه، من المؤكد أن لا احد يرغب بان يعطي رشوة من جيبه، لانجاز عمله الموضوع على طاولة الموظف الحكومي، الذي بدوره يجد في متطلبات انجاز العمل للمواطن مساحة كافية للتلاعب، والإضافة، والحذف لمستندات مستنسخة، وبالتأكيد فانه قد امن عقوبة رئيسه في العمل على أساس أن العلاقات الشخصية لها تأثيرها،  وان رب عمله أو مديره (ما ينطي بي) وهذا ما يحصل في كل مؤسساتنا ولا يحتاج الأمر إلى توضيح فالأكيد أن غالبية العراقيين قد مروا بهذه المسالة، هناك عدة عناصر تسبب الفساد، منها وأهمها القوانين، واللوائح، والتعليمات، التي تصدر من وزارات ومؤسسات البلد والإجراءات الحكومية، وطبعا للقضاء على ظاهرة الفساد، فقد استُحدثت أجهزة، وهيئات، تقوم بواجب المتابعة، والمراقبة، وإجراء التحقيقات، كهيئة النزاهة، وديوان الرقابة المالية، ودائرة المفتش العام ومكاتبه في الوزارات، والمديريات العامة ..الخ 
ولعل من اوجد هذه الأجهزة، كان حسن النية، وصادق القصد في محاولته القضاء على الفساد، ولكن ما لا يعلمه عن المشكلة، هو أن الفاسد دائما ما يجد ثغرة للنفاذ منها، وكان أن زاد الطين بلة فادت محاولات القضاء على الفساد، إلى معاناة للمواطن البسيط فوق معاناته، واوجد ثغرات عديدة، منها المطالبة بالأوراق الأربعة الشهيرة، والتي يعرفها كل عراقي، بل حتى من يتوفى ويعتقد أن معاناته قد انتهت بموته، يطالب أهله بهذه الوثائق الأربعة، ولا تنتهي معاناته إلى بدخوله القبر بشكل نهائي .
ولا اعتقد أن المعاناة ستنهي، إلا بتخفيف الإجراءات، وإيجاد سبل اقل وطأة على المواطن البسيط، وتحديد الموظف أو القائم بالخدمة العامة بإجراءات محددة معلنة، يستطيع المواطن حينها أن يحاجج، فما يجري من شكل أخر للفساد، هو بابتداع كل موظف قانونه، وإجراءاته، ومطالبته، بوثائق خاصة على مزاجه، وبين تلك الوثائق، وقوانين ضعيفة، وإجراءات روتينية معقدة، وموظفون فاسدون، أو خائفون من متابعة الأجهزة الرقابية المتعددة، والتي لا ترحمهم على حد زعم اغلب الموظفين، وأكاد اجزم أن الأمر لن ينتهي أبدا، ولن يقضى على الفساد الإداري، وعلى وجهه الأخر الروتين التعقيدي، إلا بثورة إدارية في كل مفاصل الدولة، فبقاء الأمر على وضعه الحالي يبقي المفسدين، ويفتح لهم ما شاءوا من ثغرات، يعيشون من خلالها، ويعيش معهم الفساد ..سلامي