تجارة الموت.. القتل بمال المقتول

 

حجم الميزانيات التي أقرتها الحكومة العراقية خلال السنوات الماضية بلغ 656 مليار دولار ... بداًً من ميزانية 2003 البالغ حجمها 14 مليار دولار وانتهاءاً بميزانية 2013 التي تجاوزت 118 مليار دولار .

بحساب بسيط للغاية نجد ان حصة الفرد العراقي من هذه الميزانيات تبلغ 21.8 مليون دولار سنويا على اعتبار ان عدد نفوس العراق 30 مليونا ... طبعا هذه الفرضية غير قابلة للتطبيق إطلاقا لكن اوردناها كمثال فقط لاغير .

والعديد يتحدث عن فساد كبير يضرب أركان الدولة العراقية لكن لم تقدم الحكومة  حتى الان رقما دقيقا لحجم الفساد في البلاد وإنما نعتمد في ذلك على تقارير دولية كتقارير منظمة الشفافية الدولية والتي دائماً ما تضع العراق في أسفل قائمتها وهي دائماً ما تواجه انتقادات حكومتنا على اعتبار ان هذه التقارير مبالغ فيها .

المصدر الثاني للمعلومات والحقائق عن حجم الفساد في العراق يصدر من مسؤولين برلمانيين ولجان برلمانية وهذه المعلومات عادة ما تقول عنها الحكومة العراقية انها تستخدم لأغراض سياسية .

ولا اعتقد ان حجم الفساد مهم للغاية لكن الأهم أين تذهب أموال الفساد ؟؟؟ ... ولا أتحدث هنا عن السيناريو التقليدي للفساد كأن يقوم المسؤول الفاسد الفلاني بتهريب أمواله خارج البلاد لتكوين إمبراطوريات مالية ... وإنما أتحدث عن فساد أخطر بكثير ذلك ان الأموال  الفاسدة قد تصل ليد قتلة الشعب العراقي فتتم تمويل العمليات الإرهابية بأموال قذرة من الداخل اضافة الى أموال تقدم من خارج الحدود .

وتعلن وتؤكد الحكومة العراقية انها تضرب بيد من حديد لسحق الإرهاب والعمل المسلح الخارج عن القانون واقصد بذلك تحديدا الميليشيات وفرق الموت المتجولة وأصحاب كاتم الصوت والعبوات اللاصقة ... هل توقفت الحكومة قليلا وسألت نفسها من أين يتلقى هؤلاء التمويل ... البعض قد يقول من خارج الحدود ولكن هذا الامر جزء من الحقيقة وليس الحقيقة كاملة .

فالواقع يؤكد ان هناك مافيا فساد محلية تستفيد من بقاء العراق مستباحا من قبل  الإرهاب والقتل والميليشيات حيث يشكل ذلك عنصرا رئيسيا لازدهار تجارة الموت التي تدر مليارات الدولارات .

وما دفعني لكتابة هذا الموضوع الحديث الذي أدلى به رئيس الوزراء نوري المالكي عن ولده احمد وكيف أخذ قوة أمنية لاعتقال احد المقاولين العراقيين داخل المنطقة الخضراء ..،  وبحسب رواية السيد المالكي فأن هناك مقاولاً في المنطقة الخضراء له نفوذ ومتورط بعمليات استيلاء على عقارات، إضافة إلى افتتاحه شركة حمايات غير مرخصة ...ولم يكتف المالكي عند ذلك، فقد اكد أن ذلك المقاول يمتلك أكثر من 100 قطعة سلاح مجهزة بالكواتم و100 سيارة مهربة .

السؤال هنا لماذا تتواجد لدى هذا المقاول 100 قطعة سلاح مجهزة بكواتم صوت ماهو الهدف منها ؟؟ ولماذا لديه أكثر من 100 سيارة مهربة ولماذا تحديدا مهربة ؟؟؟ ولماذا يتحصن داخل المنطقة الخضراء ولديه شركة حمايات غير مرخصة ؟؟؟؟ وهل هذا المقاول هو الوحيد الذي يعمل بهذا الشكل أم ان مقاولين آخرين مازالوا " مفتحين على باب الله "

اذا لم تتم الإجابة عن هذه التساؤلات  فان  علامات استفهام كبرى نرسمها عن علاقة اصحاب السلطة والنفوذ بالأموال القذرة وبالإرهاب والقتل اليومي في العراق .