وقفة تأمــل في كل الأمــور !؟

 

حينما أقول كل الأمــور أعني من القمة وحتى القعـر و من السياسة مروراً بالإقتصاد والقانون والرياضة لأننا بالحقيقة فاشلون في كل هذا , فبعد عشـر سنـوات من إزالة الدكتاتورية وصعود " نجوم" المعـارضة الذين كانوا يعيشون هنا وهناك من العالم بعد أن " تشردوا " نتيجة إستبداد النظام السابق وتعسفـه وتضييع أمـوال العـراق في حـروب عبثية وأضعـاف جيشه وإذلال شعبه وكبت حريته وإثقاله بديون مخجلة وهو البلد الغني بحكومة لا تعرف التخطيط وإنما بفكر فردي غير مبني على قواعد علـمية صحيحة مما أدى الى الكثير من المزالق وهوى بالعـراق الى منحدرات خطـرة لم يستطع الخروج منها إلا على قـرع طبـول الحرب وبدفع من " الجيـران" وتأييد وإسهـام من "الإخــوان" الذيـن كانـوا يتـربصـون سـاعـة الحسـم ليجلسـوا على كراسـي الحكم لينشـروا الخيـر ويحكموا بالعدل والقسطاط والمـيـزان ! وفعـلاً بـدأت قـوات العـم سـام " تحـريـر" العـراق بضـرب كل البنى التحتية أو ما بقي منها منذ حـرب " تحرير الكويت" التي بدأت بتدمير العراق وقصف جيشـه المنسحب بكل ذل وخيبة الى حدود الوطن المبتلي بحكم في غاية الغباء والجنون والمجون لحزب يرى نفسه على النهج" الصحيح" في تحـرير وتوحيد "أمـة " العـرب . لنتأمل طويلاً ومنذ 2003 وحتى يومنا هـذا لنرى حال العـراق كيف كان وكيف صـار ؟؟!!

كان مـدمـراً وما زال , كان مقسمـاً و ما زال , كان شبـه طائفي وزاد طائفية , كان بدون دستور وصـار له دسـتور مرقع مهلهـل بين سطوره تكمن الكثير من الهنّات والعـثـرات والـزلاّت . كان له جيش " عقائدي" أصبـح له جيش " ميلشياوي" و كان دولة الحزب الواحـد أصبـح " دولة " الأحـزاب , أما الإقتصاد فأصبح مصدر خير لرجال " المعارضـة" وشعبنا ما زال يعاني من الفقر والمرض والجهل بل زاد في " الدوز" . بعد أن كان يحكم بـرأس واحـد أصبـح يُحـكم بـرؤوس , كان كل عراقي بعثـي وإن لم ينتم أصبح كل عـراقي حـزبي ليأكل و من خيره يغـرف و يـغـرف حتى يـرتوي أمـا من لا حزب له و لا ميلشيا مسلحة تحميه وترعب الآخـرين فلا حظ له إلاّ في نيل فتــات أو فضـلات ما يـُرتمـى !! حينما أقول عشعش الفسـاد بكل أنـواعـه وألـوانه في كل شئ لا أجيب بشئ جديد أو أكشف سـراً بهيماً , فكل الكتّاب كتبوا وحبّروا صفحات الصحف دون أن يجدوا لكلماتهم صــدى وهأنذا أكتب من جديد وأنا على يقين سوف لن تجد كلماتي طريقها الى أذان " المسؤولين" لأنهم كما يُقال إذن من طين وإذن من عجـيـن ! كان النظام البعثي يقاتل كل الشعب إلا المستفيدين منه أما الآن كل الشعب يقاتل بعضـه بعضـاً ؟! إذن لماذا جاء أبناء العـم سـام وخسروا أكثر من 5 آلاف جندي وآلاف الجـرحى ؟ إلا لكي " يـؤسسـوا" ديـمـقـراطية و " يحـرروا" العـراق مـن قيـود صـدّام ويفـكـّوا أســر شعـبـه من ربقـة ذل البعـث وظلمـه ولكن لم يضعوا خاتـمة صحيحة لرواية " تحرير" العـراق مما أدى الى " صعود" رجال لا يفقهـون من الحكم إلا النهب والتعسف وتعـميق الطائفية , وسن قوانين تخدم طموحهم وتطلعاتهم دون الإلتفات الى مصالح الشعب بكل فئاته وطوائفه وقومياته وأديانه وهو شعـب واحد تحت عنوان واحد " مواطنون عـراقـيون"

لنتأمل جلياً فيما آلـت إليه الأمــور حتى هذه اللحظة , قُتل من العـراقيين منذ " تحـريـر" العـراق وحتى الآن عدد كبير و بيد " قـوى " خفيـه غير مرئية أكثر مما قُتل في " الحروب" العبثية , اليد الخفية تضرب وتعلن إنتصارها على الفقـراء والمارة بكل بجاحة , والحكومة تضرب بعضها بعضاً ويزعل بعضهم على بعض ويقاطع بعضهم بعضاً وهكذا دواليك والضحية معـروف هو الشعب بكل أشكاله وألوانه !! إذن من المستفيد من كل هذا العبث بعد القضاء على حكم البعث ؟

مصانعنا توقفت ولم تُشغل مرة أخـرى , كهرباؤنا قلّت ولم تُجـدد رغـم تجدد الوزراء وماؤنا ما زال " خابطـاً" وإقتصادنا ما زال يعاني الهـزال , وشبابنا "تـعـرض" الطرقات جيئة وذهاب بحثاً عن عمل بعد التخرج والحصول على الشهادات ولم يفـز باللذّات إلا "جماعات" الأحـزاب من حملة شهادات اللطم والنواح وتقبيل الأيادي للشيوخ و " السادات" . هل إستقـر العـراق على يـد " المعـارضـات" بعـد " التحـريـر" ؟ الجواب بكل وضـوح وقـوة لا وهذا يعـرفـه القاصي والداني و لا أكـتب شئ جديد أيضاً , ولكن لماذا لا نحاسب من كان السبب أو نجلد من تسبب في ذلك ؟ ألـم نفرح بسقوط نظام البعث وعمت الغبطة في النفوس ؟ فلماذا السكوت لدرجة الخذلان والجبن والتـردد ؟

الأمـر مـعـقـّد حتى على " الـراعي" الأمـريكي وكما شاهدنا مسرحية " شليلة وضايع راسها" نراها من جديد وبشكل أكثر واقعية ومأساوية و إختلطت " التراجيديا " بـ " الكوميديا" وحكَّ الراعـي رأسه ولطم خـده وأمـرَ" المـعـارضـون" السابقون والحاكمون الحاليون لكي يأتوا إليه طائعـون ليـرى أمـرهم وبما فيه مختلفون فقد وصلت الأمـور الى حدود مسدودة ونتائج غيـر محسـودة وهاهم يعلنون على الملأ زياراتهم الى " كعبة " واشنطن بحجج واهية , أما بسبب الوضع في سوريا أو علاج لركبة معطوبة أو سبر أغوار فضاء " ناسا" أو الإطـلاع على تجـربة أمـريكا في فـرض الإستقـرار على مساحة تعادل مساحة الوطن العـربي بالنظام والقانون ودستور ثابت يضع " حرية التعبير والأديان " في مقدمة بنوده , بين شعوب هجينة و من كل أنحاء العـالم سكنت هـذه البقعـة التي أكتشفها الرحالة الإيطالي كريستوفر كولمبس العام ( 1498) بالصدفة !! وبما إنه كاثوليكي "متطرف" أراد أن يكتشف طريق جديدة لا تمـر بالمحمديين ( حسب ويكيبيديا- الموسوعة الحرة ) , فإذا بـ " المحمديين" حالياً كل طـرقهـم تـمــر عبـر هـذه الأرض الجديدة ؟!! و ما زلنا " نفخـر" بتاريخنا التليد وحضاراتنا القديمة وبإننا أول من كتب " القانون" على مسلة المرحوم " حمورابي" !

كل المسؤولون يشـدّون الرحــال الى واشـنطن ليجـدوا حـلاً لصراعاتهم وخلافاتهم ونهمهم ونهبهم المستمـر لثروات وطنهم " التاريخي " , لعل السيد جو بايدن نائب الرئيس الأمـريكي– صاحب مشروع تقسيم العـراق الى 3 دول – يجـد مشروعـاً مقبولاً هـذه المـرة يـريح أعصـاب " الجماعة " ويدغـدغ مشاعـرهم المـرهفة ويضع " أرجـلـهـم على الطريـق الصحيحـة بينما شعبنا يـردد " إشتـدي أزمـة تنفـرجي قد آذَنَ لَيلُكِ بالبَلَجِ "للشاعـر إبن النحوي المتوفي سنة 513 للميلاد .

" لا طبنا و لا غـدا الشــر"