خوزيه موخيكا ليس اسم لنبي مرسل ولا لإمام معصوم ولا لصحابي جليل ولا لمسلم ينطق الشهادتين ولا لمؤمن أسود جبينه من كثرة الصلاة ونحل عوده من شدة الصيام ووهنت اقدامه من كثرة السعي بين الصفا والمروة والطواف حول الطعبة ، وهو ليس برجل دين يلبس العمامة السوداء أو البيضاء وتجبى له الاموال ، وهو ليس بواعظ يعتلي المنابر يذكر الناس بالآخرة ويدعوهم الى الزهد بالدنيا والسير على هدى النبي الأكرم وأهل بيته وصحبه الميامين. خوزيه موخيكا لايتزعم حزب ديني يدعو لإقامة شرع الله في الأرض وبسط العدل والسلام. وهو ليس بالسياسي الانتهازي الجبان الذي يحرض الجماهير على الثورة والتمرد فيما يجلس هو في بيته مع عائلته بانتظار لحظة الحسم وقطف الثمار.
إنه رئيس جمهورية الاروغواي المنتخب الذي قاتل الانظمة الدكتاتورية التي حكمت بلاده عقودا من الزمن حتى حملته الجماهير على أكتافها واجلسته على كرسي الرئاسة قبل ثلاثة أعوام . رجل لايؤمن بما وراء الطبيعة الا انه يؤمن بالقيم الانسانية التي فطر الله الناس عليها.سيرته في الحكم تذكر بسيرة النبي الاكرم ووليه برغم انه لم يترعرع في احضان عائلة مسلمة تؤدي الفروض الخمسة وتتلو القرآن وتتغنى بسيرة النبي الاكرم والائمة والصحابة ، وهو لم يعتد الجلوس تحت المنابر لسماع العظات التي يلقيها رجال الدين وبلاده لاتوجد فيها محطات تلفازية دينية أو صحف اسلامية أو مؤسسات واحزاب اسلامية .
فكيف اصبحت سيرته في الحكم تجري على كل لسان ؟ وكيف طبق خوزيه موخيكا عهد علي ابن ابي طالب لواليه مالك الاشتر بحذافيره وهو الذي لم يقرأه ولربما لم يسمع به؟ خوزيه موخيكا يصنف على انه افقر رئيس في العالم فراتبه 12،500 يورو لايحتفظ الا بالف وخمسمئة منها والباقي يتبرع به للاعمال الخيرية . خوزيه موخيكا لا يسكن في القصر الرئاسي بل في بيت زوجته الريفي وترك القصر لمن لايملكون سكن! خوزيه موخيكا يعيش حياة طبيعية كباقي ابناء شعبه وكل مايملكه سيارة فولكس واكن قديمة لاقيمة لها اليوم واما غدا فلا احد يعلم!
اصبحت بلاده وبفضل سيرته العطرة في الحكم وخلال ثلاثة اعوام ثاني أفضل دولة في قارة امريكا من حيث قلة الفساد .وهو الامر الذي انعكس على حياة المواطن الذي تحسن وضعه الاقتصادي وكذلك نواحي الحياة الاخرى من اجتماعية وسياسية وغيرها .فصلاح الحاكم صلاح للامة وفساده افساد لها.
واذا عقدنا مقارنة بين موخيكا والحكام العرب والمسلمين فان الف الف سؤال سوف يثار في النفوس ! ولنأخذ نوري كامل المالكي رئيس وزراء العراق مثالا .فهو زعيم واحد من اعرق الاحزاب الاسلامية في المنطقة الذي ناضل قرابة الستة عقود من الزمن من أجل اقامة حكومة اسلامية عادلة تسير على هدى النبي واهل بيته. فكيف كانت سيرته في الحكم هو سلفه ابراهيم الجعفري ؟ سكن كل واحد منهم في قصر رئاسي ولكل منهما موازنة خيالية كما وصفها الدكتور احمد الجلبي بانها تعادل موازنة عدة وزارات باضعاف. وفي عهدهم تربع العراق على عرش الفساد العالمي .
وفي حكمهم تخلف العراق على مختلف الصعد واصبحت البلاد نهبا لهم. استولوا على الاراضي والقصور وممتلكات العراق في الخارج ،شرعوا القوانين التي تحفظ امتيازاتهم مع عوائلهم ، تركوا العراق يحترق بنار الارهاب فيما هم يقبعون كالفئران في منطقتهم الخضراء ، استعانوا بكل نطيحة ومتردية لدعمهم في الحكم ، باعوا البلاد بثمن بخس للخارج مقابل بقائهم على سدة ألحكم ، مزقوا عرى التآلف بين ابناء المجتمع العراقي ولعبوا على وتر تأجيج النزاعات الطائفية والقومية والحزبية. لم يبادروا كخوزيه موخيكا للتبرع برواتبهم للعراقيين الذين يعيش ستة مليون منهم تحت خط الفقر.
وفي عهدهم قررت الحكومة الاتحادية الغاء الرواتب التقاعدية لاعضاء البرلمان ولم يتقدموا هم بانفسهم ولا نوابهم بطلب عن طيب خاطر يعلنون فيه عن تنازلهم عن معظم رواتبهم وبعضهم يتقاضى ثلاثة او اربع رواتب ! يحظون بامتيازات تغطي حتى نفقات مؤخراتهم وعمليات تجميل عشيقاتهم.! عاثوا في العراق فسادا باسم الدين الاسلامي الحنيف وباسم مظلومية اهل ألبيت وشيعتهم ! وهو ذات الشعار الذي رفعه بني العباس عند اسقاطهم لحكم بني أمية . لهجت السنتهم بذكر علي وسيرته في الحكم الا انهم لم يطبقوا وصية واحدة من وصاياها ولابندا واحدا من بنود عهده للاشتر.
ستون عاما وحزب الدعوة الاسلامية يدعي سعيه لاقامة العدل ودولة علي فاذا به لم ينجح في اقامة دولة عبدالكريم قاسم فيما نجح الملحد خوزيه موخيكا في اقامة دولة فيها شيء من دولة علي ! فهل الخلل في الفكر الاسلامي ؟ فاغلب الظن لا ، اذن فالخلل في هؤلاء المتاجرين بالدين الذين اساؤو للدين ولاهل البيت وللصحابة المنتجبين ، فالدين يعجز عن اصلاح نفس فطرتها غير سليمة فالله لايغير مابقوم حتى يغيروا ما بانفسهم ، واما اصحاب الفطرة السليمة وان لم يكونوا مؤمنين بالله فهم مصلحون وصدق من قال الكافر العادل خير من المسلم الجائر ولعل اولى متطلبات العدل هو النزاهة واما الفساد فمعلم اساسي من معالم الجور وما المالكي وحزبه واتباعه الا خير مصداق لهذه المقولة . فإن لم يكن لكم دين فكونا بشرا كما تزعمون ولكم في خوزيه موخيكا أسوة حسنة!
|