قبل أيام.. وأثناء تصفحي لعدد من الصحف العراقية قرأت خبرين، فعادت لذاكرتي صور من حياتي، لهذين الخبرين نتيجة واحدة، رئيس الوزراء العراقي نوري كامل المالكي، سيشد رحاله الى واشنطن، مطلع الشهر القادم "تشرين الثاني".
أحدى الصحف الموالية للحزب الحاكم، ذات التمويل الحكومي الخاص، كتبت بعنوان عريض "واشنطن توجه دعوة لرئيس الوزراء نوري المالكي للقاء اوباما ونائبه بايدن" أما الصحيفة الثانية فكتبت بعنوان أشد سمكاً "واشنطن تستدعي المالكي مطلع الشهر المقبل، بكلتا الحالتين سيتوجه رئيس الحكومة الى واشنطن، فلا خيار أمامه الا التنفيذ.
"يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم" نلاحظ أن الآية الكريمة عندما تحدثت عن طاعة أولي الأمر، أشترطت أن يكونوا "منكم"! فلا شك أن أميركا صارت أباً للعراق! قراراتها وسياساتها مرتبطة أرتباطاً وثيقاً بوضع العراق الداخلي والخارجي، ولم يكن ذلك متزامناً مع ولادة العراق الديمقراطي الجديد، بل منذ أكثر من خمس وثلاثين سنة منصرمة، أبان حكم الرئيس العراقي السابق صدام حسين، ذات الرحم الذي حمل وأنجب الدكتاتور، حمل وأنجب الديمقراطي.
دعوة أو أستدعاء المالكي من قبل اوباما ونائبه بايدن، لن تخلو من المراسيم البروتوكولية المتعارف عليها، لكن ما وراء كواليس ذلك اللقاء.. سينفجر الأب الحاني موبخاً أبنه العاق، لمخالفته وتجاوزه الخطوط الحمراء لواشنطن، ذاك الأبن المطيع أصبح عاصي لولي أمره، لا يذعن لتوصيات الأدارة ألأمريكية، ولا يدرك أن السلطة والمعصية لا يجتمعان وفقا ً للسياسة الأمريكية.
كررت الولايات المتحدة السيناريو الذي مثله صدام حسين أبان حكمه للعراق، مطيع ملبي ودود لا يخالف أي أمر لولي أمره، حتى أنتهى مسلسله وأصبح أمام خيار واحد لا ثاني له، هو المغادرة.. والمغادرة يا سادة كانت برغبته أو رغماً عنه، فمسلسل الدكتاتورية يجب أن ينتهي، لنشهد الجزء الثاني من المسلسل، بشخصيات ديمقراطية لكن ولائها الأول والأخير لأمريكا، وأولي الأمر.
المالكي بعد أن حكم العراق لمدة تجاوزت العشر سنوات، بدأ ينمو لديه حب السيادة، ونرجسيته أصبحت تفوق نرجسية سلفه المجيد، ولذلك مصاديق كثيرة، لعل آخرها كان أستعراض بطولي لنجله حمودي، وذاك يعيد الى حياتنا صور عدي وقصي نجلا صدام المجيد، لكن المالكي أراد أيصال رسالة لرفاقه في حزب الدعوة، بأن زعامة الحزب تنتقل بالوراثة لا بالقدم والتضحية!
ما أن يصل "المالكي" الى واشنطن ويلتقي "اوباما وبايدن" سيكون الكارت الأحمر مرفوع بوجهه، وأنتهاء الجزء الثاني من عرض المسلسل الأمريكي في العراق، بنهاية المالكي وترك كرسي الرئاسة، سيصعب على رئيس الوزراء حينها أن يعود زعيماً لحزب معارض، في حكومة جديدة تشكل بعد ألانتخابات النيابية، المزمع أجرائها في نيسان العام ألقادم، لذا أتخذ خطوة أحترازية تحسب له، وقدم نجله "أحمد نوري كامل المالكي" زعيماً لحزب الدعوة.