العدوان السياسي يخترق حدودنا الوطنية ، فهل يخترق الشيطان نفوسنا الإنسانية ؟!

 

 

 

 

 

 

هدد الإرهابيون بانتهاز فرصة انشغال الشيعة العراقيين بمراسيم ذكرى استشهاد الإمام الحسين عليه السلام في محرم الحرام هذا العام ، وهو تهديدٌ مستمرٌ منذ أنْ حارب الخوارجُ علياً (ع) .. وهو تهديدٌ موجودٌ منذ أنْ حارب الأمويون آل ابن أبي طالب (ع) .. وهو تهديدٌ موجودٌ منذ أنْ حاربَ العباسيون آل ابن أبي طالب (ع) .. وهو تهديدٌ موجودٌ منذ أنْ حاربَ صلاحُ الدين الأيوبي فاطميي مصر وحمدانيي الشام .. وهو تهديدٌ موجودٌ منذ أنْ حارب الأتراكُ الشيعة لأنهم لم يقروا أو يُذعنوا لخلافة الحاكم الغير قرشي .. وهو تهديدٌ موجودٌ منذ أنْ كان نخيل الشيعة مصدراً لبنادق ثورة العشرين في صدور المحتل البريطاني الغاشم .. وهو تهديدٌ موجودٌ منذ أنْ أعدم صدام حسين فتية (قبضة الهدى) وتوّجها بإعدام (السيد محمد باقر الصدر وشقيقته العلوية بنت الهدى) .. وهو تهديدٌ موجودٌ منذ أنْ اغتيل (السيد محمد محمد صادق الصدر ونجليه) .. وهو تهديدٌ موجودٌ منذ أن أحرقوا (شهيد المحراب السيد محمد باقر الحكيم ) وهو تهديدٌ موجودٌ منذ أنْ فجّروا (ضريح الإمامين العسكريين عليهما السلام).. وهو تهديدٌ موجودٌ منذ أنْ حارب المحتل الأمريكي أبطالَ (عصائب أهل الحق) و(جيش المهدي) عليهم رحمة الله ورضوانه أجمعين ، من الأولين والآخرين ، إلى قيام يوم الدين ، واللعنة الدائمة على الظالمين .
والحالة هذه ؛ فماذا يبغي الظالمون ؟!!!
إذا كانوا يبغون الحكومة ، فالحكومة يقررها أهل العراق !
إذا كانوا يبغون تدمير ومحو شيعة العراق ، ففي العالم شيعة إيران ولبنان وأفغانستان وباكستان  وفي كل مكان . ولا يعني هذا خطاباً طائفياً ، أو تخندقاً شيعياً جغرافياً ، وإنّما هي الحقيقة التي يجب أنْ يعرفها أعداء الشيعة ومحرّضيهم الكبار!
وإذا كانوا يبغون قتل شيعة العراق ، فلماذا يفجّرون العبوات والسيارات الملغمة على رؤوس العراقيين كافة .. بجميع ألوانهم .. سنة وشيعة ومسيحيين وصابئة .. عربا وكردا وتركمان ؟!!
الأعمال التخريبية التي ينفذ جرائمها الإرهابيون تنال أهل العراق كافة .. في بغداد .. في أربيل .. في نينوى .. في الرمادي .. في كركوك و البصرة .
فمَنْ مِنْ أهل العراق يستهدفون ؟!!!
لقد دفعوا مليارات الدولارات الأمريكية والإسرائيلية والسعودية والقطرية حتى يخترقوا حدود العراق وحدود النفس العراقية الضعيفة .
النفوس العراقية الضعيفة ، التي تباع وتشترى ، اشتراها صدام حسين بالبيوت والمنح والسيارات والأراضي الزراعية والمناصب الحكومية والدرجات الحزبية الرفيعة ، فانقطعتْ بسهولة اليوم ؛ أمام حافات مليارات الدولارات الحادّة .
أيها العراقيون النجباء ! التاريخ الوطني والجماهير لن تعذر أيَّ عراقيٍّ يبيع نفسه العراقية الغالية الثمن بحفنة دولارات رصيدها الورق والنزق .
لقد قدّمَ الإمامُ الحسين (ع) نفسه وأبناءه وأخوته وأصحابه ، هنا؛ على أرض العراق .. كربلاء المقدسة الخالدة البطلة ، لأجل أن يحق الحق ويزهق الباطل ، لم ينتفض في نجد أو الحجاز .. لم ينتفض في بلاد المغرب العربي .. لم ينتفض في اليمن أو حضرموت ، بل ؛ هنا أنتفض الحسين (ع) ، فانتصرت دماءُ آل أبي طالب على سيوف العدوان السياسي الأموي ...
يجود بالنفس إنْ ضنَّ الجواد بها
والجود بالنفس أقصى غاية الجودِ
لا أرى الموت إلا سعادة ، والحياة مع الظالمين ، إلا بَرَما !
إنْ لم يستقم دينُ محمد إلا بقتلي ، يا سيوف خذيني !
لم أخرج أشراً ولا باطلاً ، ولكن خرجت لطلب الإصلاح في أمّة ِ جدّي !
خطابات وخطابات أطلقها الإمام الحسين عليه السلام في ثورته الخالدة ، تحدّث عنها القاصي والداني .. العدو والصديق .. القريب والغريب .. ولمّا تزل هي الثورة الخالدة !
العالم الإسلامي ملئ بآل بيت رسول الله من آل علي بن أبي طالب ، فأين آل أبي سفيان ، وأين آل بني العباس الذين خذلوا عهد رسول الله (ص) لعلي (ع) يوم الغدير ((من كنت مولاه ، فهذا علي مولاه ، اللهم انصر من نصره واخذل من خذله )) صدق رسول الله(ص) .
هنالك حقيقتان لا تنتهيان ؛ العقيدة والإنسان !!!
فالإنسان الشيعي يتوالد ويتكاثر ، وحبّ الحسين (ع) تتوارثه الأجيال .. جيلاً بعد جيل !
فمن أراد أنْ يقضي على الشيعة في العراق ، عليه أنْ يغمد سيفه الذي لا نتيجة منه ولا فائدة ، فلقد كان الحَجّاجُ الثقفي والي العراق الأموي يذبح بسيفه رقاب أربعين شيعي في الليلة الواحدة .. يبنيهم في الجدران .. يحرقهم .. يقلب وجوههم على الأرض ويذبحهم من قفاهم .. يعلقهم بالنخيل فيشمخون شموخ نخل العراق ، وهم يصعدون بأرواحهم الطاهرة نحو السماء ، كواكبَ ونجوماً ترصّع الليل وأقمارا .. شموساً تضيء النهارات عبر الزمن الأزلي .
الحقيقة الثانية ؛ إنَّ فلسفة الإمامة لدى الشيعة ، تعني ؛ إنَّ الإمامة امتدادٌ غيبي للنبوة ، في حركة التاريخ الإسلامي ، وحركة الأديان السماوية كافة . فلقد أخبر رسول الله محمد .. نبي المسلمين (ص) في مصادر إسلامية عديدة ؛ أنه لو بقي يوم من الدنيا ، لأمدّه الله ، وأخرج قائم آل محمد(ع).
من هنا ؛ يجب على أعداء الشيعة أن يعرفوا ، بأنَّ الشيعة يؤمنون بأنهم سيرثون الأرض ومن عليها بإرادة وإمداد السماء، فمثلما أخبر نبي الله عيسى (ع) بأنّه سيأتي من بعده نبيٌّ اسمه أحمد ، ولم يؤمن بعض الناس من بعده بهذه النبوة المستندة على تلك النبوءة ، كذلك بعض الناس ــ ذريّة أولئك ــ لا يؤمنون بعهد رسول الله (ص) لهذه الإمامة من بعده بعد غياب عصر الرسالات السماوية بموت النبي محمد (ص).
لا يظن عاقل مدرك ومؤمن بالله تعالى ، وبحركة التاريخ ومتغيراته الموضوعية ، وتاريخ الحضارات والأمم والشعوب والملوك والحكام ، أنَّ السماء ستترك حبل القياد للغارب ، فتعصف الويلات الشيطانية التي عصفت بنفس أبينا آدم وبنفس أمِّنا حوّاء ، ومن ثم وسوست في نفس أخانا قابيل ، الذي قتل أخانا هابيل شرَّ قتلة .
أقول ؛ لا يعقل عاقل ، أنَّ الله سبحانه وتعالى سيترك المسيرة البشرية ، وحركة الحياة الآدمية على الأرض ، دون رعاية ربّانية للخليقة ، أو دون إصلاح ، أو دون إحياء لشريعته المقدسة بالتطبيق .
عليه ؛ سيظهر الإمام محمد المهدي بن الحسن العسكري بن علي الهادي بن محمد الجواد بن علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي السجّاد بن الحسين الشهيد بن علي بن أبي طالب ، والحسين بن فاطمة الزهراء بنت رسول الإسلام ونبي المسلمين محمد (ص) خاتم الأنبياء .
يقول السيد الشهيد محمد باقر الصدر (رض) في مقدمته لموسوعة ((الغيبة)) لمؤلفها السيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر (رض) ، بما يعني ؛ أنَّ بقاء الإمام محمد المهدي ثاني عشر أئمة أهل البيت عليهم السلام حيّاً كل هذه القرون يرجع إلى وجود إمداد غيبي من الله تعالى ، أبقاه حياً ، عندما عطـّل القانون الطبيعي لهرم وشيخوخة الخلية الحيّة لهذا المخلوق البشري .. فهي المعجزة ، لأنَّ المعجزة تعني تعطيل للقانون أو الناموس الكوني أو الطبيعي ، كما في صعود النبي محمد (ص) إلى السموات العلى .. دون تأثير للحواجز والظروف الكونية .. جسماً وروحاً ، كما هو ثابت لدى جميع المصادر الإسلامية ، وكما في صعود نبي الله عيسى (ع) إلى السماء جسماً وروحاً (وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم) . كما أنَّ الشهيد الصدر الأول (رض) يذكرنا بتعطيل آخر للقانون الطبيعي بالدليل القرآني حيث قصَّ لنا قصة ابتلاع حوت البحر للنبي يونس (ع) دون أن تتمكن عصاراتها الهضمية من هضم جسد هذا النبي (ع)، كما يؤكد لنا أيضاً ؛ أنَّ الله قادر على تعطيل القانون الطبيعي لخاصية النار في الإحراق ، بأن جعلها برداً وسلاماً على نبيه إبراهيم (ع) ، وعن عمر نبي الله نوح (ع) الذي تنقل الروايات أنه عاش 2500 عام ، حيث ذكر القرآن الكريم أنه عاش مع قومه فقط ! 950 سنة يدعوهم لطاعة الله سبحانه وتعالى جهارا .. ليلاً ونهارا !!!
أسألكم بمعتقداتكم سادتي الكرام ! .. 
ألا تحتاج أمتنا الإسلامية اليوم ؛ إلى نبيٍّ أو وصيِّ نبي ، يعيد للحياة الرسالية وجهها السماوي السمح ؟
ألا يحتاج الإنسان المسلم المتخبط بالمذهبيات والفرق والنحل الإسلامية إلى نبي ٍّ أو وصيِّ نبي يعيده إلى الصراط المستقيم ؟
ألا تحتاج الإنسانية المعذَّبة إلى نبي ٍّ أو وصي نبيّ ينقذها ويخلـّصها من ضائقتها الحضارية البشرية التي تعيشها وستعيشها غدا ؟
لابد لعدالة السماء من أن تحي محمدها المسلم الأصيل ، ولابد لعدالة السماء من أن تنزل عيسى على قلوب النصارى ، فيتعاهدا على عهد الرّب الواحد المقدّس .. الله سبحانه وتعالى .
آنها سترفل البشرية بالمحبة والوئام والسلام ، وسيندم الظالمون ، لكنْ ؛ لاتَ ساعة َ ندم !