مؤامرة البنك المركزي.. بعد سنة

 

بعد مرور سنة كاملة عليها، هل يعرف أحد لماذا أُقيل سنان الشبيبي من منصبه محافظاً للبنك المركزي أثناء ما كان يمثل البلاد في مؤتمر دولي مرموق؟.. وبعد مرور هذه السنة هل يعرف أحد لماذا أقيلت مع الشبيبي مجموعة من أفضل كوادر البنك المركزي وألقي بهم في المعتقل، من دون توجيه تهمة لهم أو إجراء محاكمة لتقرير مصيرهم؟
انا لا اعرف. كل زميلاتي وزملائي وصديقاتي وأصدقائي وأهل بيتي لا يعرفون أيضاً، وكذا سائقو سيارات التاكسي والكيّات والكوسترات التي أتنقل بها.. من يعرف إذن؟ ربما العارفون هم فقط رئيس الحكومة الذي كان وراء القرار وبعض المحيطين به وكذلك هيئة رئاسة البرلمان التي كانت، ويا للعجب، من أشد المستعجلين لتنفيذ قرار المالكي برغم ان ما بينها وبين رئيس الحكومة –أقله في الظاهر- ما صنع الحداد.
مما قيل عن أسباب الإجراءات التعسفية في حق قيادة البنك المركزي التي لم يُسجل لها على مدى تسع سنوات الا النجاح الواضح في عملها، وهو ما تجسّد على نحو خاص بزيادة الاحتياطي المالي للبلاد وارتفاع قيمة الدينار، ان رئيس الحكومة سعى لارغام الشبيبي على خرق نظام البنك بإقراض الحكومة نحو ستة مليارات دولار (كانت ستكون عرضة لنهب الفاسدين والمفسدين مثل مئات المليارات النفطية)، لكن مصادر الحكومة والمتحمسين لقرارها في مجلس النواب، زعموا ان قيادة البنك كانت ضالعة في قضايا فساد مالي واداري، وان الاجراء ضد الشبيبي، وهو المعروف للقاصي والداني بنزاهته ومهنيته ووطنيته بخلاف الذين عملوا على إقصائه وتحمسوا لذلك، كان في اطار عملية إصلاح في ادارة البنك.
بعد سنة، لنتفقد أحوال العملية "الإصلاحية" هذه.. كيف كان الفساد المالي والاداري في عهد سنان الشبيبي وموظفيه وفي أي موضع كان؟ لماذا لم يظهر أي دليل ولم تبرز أية علامة بعد مرور 12 شهراً؟ لماذا لم يزل بعض كوادر البنك في المعتقل من دون محاكمة؟ ولماذا لا أحد في الحكومة يُريد الإجابة على هذه الأسئلة؟ ولماذا يتخذ مجلس النواب، وبخاصة رئاسته، دور المتفرج في هذه القضية؟
وماذا عن الإصلاح؟ كيف تحقق وأين؟
لا جواب على أي من هذه الاسئلة .. وعلى الارض نجد ان عملية مضادة قد حدثت، فخلال السنة المنصرمة تضاعفت كمية الدولار المباعة من البنك المركزي الى المصارف الحكومية والأهلية والتي يقال ان حصة كبيرة منها تدخل الآن في عمليات غسيل الاموال. والبنوك التي أقبلت على بيع الدولارات الى المواطنين على نحو لافت مطلع العام الحالي تراجعت الان وانحصرت عملية البيع داخل هذه البنوك، إذ تفيد معلومات بان موظفين في البنوك يستخدمون النسخ المصورة من جوازات سفر المواطنين لشراء الدولار باسمائهم وبيعه باسعار أعلى في السوق لصالح الموظفين. والدينار اليوم أقل قيمة مما كان عليه قبل سنة، فيما فتح إجراء جديد للبنك بابا كبيرة للفساد المالي والاداري، فقد أصدر البنك في آب الماضي أمرا بان تفتح مكاتب الصيرفة أبوابها من الساعة الثامنة صباحاً الى الثانية ظهراً ومن الرابعة عصراً الى الثامنة مساء "كحد أدنى"، لكن الكثير من هذه المكاتب لا تستطيع الالتزام بهذا لأسباب أمنية، ومنها مكاتب الصيرفة في شارع السعدون التي لا تستطيع الفتح بعد الساعة الرابعة. وقد استثمر بعض موظفي البنك هذا الأمر لصالحهم فهم يبتزون أصحاب المكاتب بان يدفعوا لهم مقابل عدم إصدار عقوبات بالغرامة ضدهم.
أهكذا يكون الاصلاح ومكافحة الفساد المالي والاداري في البنك المركزي يا كل الذين تضافرت جهودهم للتآمر على المؤسسة الوحيدة الناجحة في دولتنا الفاشلة؟