لغاية إستلام حزب البعث للسلطة في العراق؛ لم يكن هناك عرف يتيح لعوائل الرؤساء أو الملوك التصدي والعمل, جاء البعث وأنتهى كل شيء, فالدولة هي ملك لطاقمه والمقربين!.. إبتداءاً بأبي هيثم ومروراً بوالد عدي ثم قصي ثم حلا شقيقة الليثين.
التغيير مثّل صدمة لرؤوس كثيرة, مارست العبودية حتى صارت جزءاً من تكوين شخصيتها, فليس هيناً عليها التخلص من شحنات الحنين المفرطة لعهود التسلط الذي يقابله تصفيق ورقص وأهازيج!..قد يختلف الشخص المتسلط, غير إن النهج يوفر فرصة مناسبة لممارسة أدمان العبودية, فمن السهل التعاطي مع الرجل الحديدي الجديد وذريته, سيما إذا وجّه دعوة رسمية لإعلان صنميته؛ وملكه؛ وأعلن بذات الوقت عن إمكانيات أبنائه المعجزاتية..!
"روح كول للقردة أهل البصرة, اللي يعارض بابا هذا مصيرة", هذا الحديث للمقبور (عدي) أثناء حضوره في حفلة موت جماعي لشباب يعتقد بمعارضتهم لنظام والده المهزوم. نقل هذه الحادثة الشهيد الحي (حيدر العيداني).
طالما سلم الوالد, وكرسي الوالد, فالجميع إلى الجحيم..هذا مبرر عقلاني للصمت الذي يلتزمه (أحمد) تجاه الحقد الإرهابي الممارس ضد الشعب المقتول, وإلا فما سر الإستغناء عن خدمات رجل السلام والقانون الأول في العراق؟!
الطغاة صناعة محلية بإمتياز, تُبتلى بهم الأمم الفاقدة للحيوية, وعندما يُعلنوا طغيانهم, ينتظر الشعب لحظة الخلاص!..قد تتأخر, لكنّها آتية, ثمة أمر يجعل الموضوع مركّب ويضفي عليه تعقيداً كبيراً؛ وهو أن يكون للرئيس وريث طامح بإحياء ذكرى الأب..تختزل كل الدولة بشخصية القائد بنظر الأبن, ولعل السيد المالكي قطع شوطاً بعيداً في رسم طريق المستقبل. لذا كان الحديث واضحاً دون مواربة, أحمد يقود الأمن؛ أحمد يركب؛ أحمد يذهب؛ أحمد يعتقل؛ أحمد يصادر أسحلة وأموال..!
إن صحّت رواية دولته, فالأبن يعتبر الدولة ملك صرف لوالده, بيده القانون, وهو على كل شيء قدير!..وإن صحّت رواية نمير العقابي -الذي يقول: "الحادثة غير صحيحة وأنا لم أعتقل بدليل وجودي هنا, وليس عندي ممنوعات"- فالمشكلة أكبر, حيث إن الزعيم يتقمص دور فنان ممسكاً ريشة ساحرة بغية رسم صورة فريدة لا يتمتع بها إلا حمّلة الدم المقدس!..إذن, يواجهنا ذات التحدي, فهل أستشهد الأبطال ليأخذ أحمد دور عدي؟!