إنهم سكارى بأوهام القوة الآنية

 

كم ضعيفة هي ذاكرة الإنسان ..

وكم سريعا يستطيع أن يتحول من ضحية إلى جلاد ..
إلى وحش كاسر يقتل ويذبح يخرّب ويدّمر ..
يبيد مجموعات و مجموعات من بشر و يزيل قرى و بلدات ..
ويصادر المدن والقصبات !! ..
أي تماما يفعل بالأبرياء والمسالمين ما فعلوا به أو بأهله أو بقومه في غابر السنين ..
ولو وجد فرصة مناسبة لأنقض فجأة !..
لو أطلقوا له ، لهم العنان ..
يا ألهي كم هم سكارى بقوة الوهم الآنية ..
و كم ذاكرتهم ضعيفة !..
حيث تنتابهم هستيرية التوحش ونزعة الدموية لتحطيم العدو أو الخصم المفترض أو المنافس عن بكرة أبيه
ليرقصوا في مهرجان الدماء وفوق أكوام الجثث ، بسادية و انتشاء ..
ليستولوا على ما يعتقدون أنه ملكهم أبا عن جد و منذ الخليقة !!!..
لهم وحدهم فحسب !!..
أما هؤلاء" الغرباء " والأعداء فيجب رميهم إما إلى الوديان العميقة عظاما و جماجم محطمة ، و أما إلى عمق البحر الذي لا يوجد ؟!..
هذا الإنسان الشرقي ؟! ، الذي لا يتعلم من أحداث ومآسي التاريخ الدامية ، و لا من فجيعته ومأساته هو أومن مأساة أبناء جلدته .. و لا يستطيع إلا أن يكون أما جلادا أو ضحية ووفقا للظروف و المستجدات وإمكانيات الضعف أو التفوق وتبدل الأدوار !..
ولكن كم إنهم سكارى بقوتهم المتخيلة وبتفوقهم الآني ، تضطرب وتعصف في دواخلهم بركان الهستيرية و الهوس ، لتحطيم الخصم المفترض وسلب أرضه و مملكاته على طريقة الغزوات العربية القديمة ..
ولا يتقصهم غير كلمة سر للدهم والاقتحام ..
ومن ثم لإعلان النصر النهائي على الخصوم المفترضين و الأعداء " الغرباء " ..
هذا الإنسان الشرقي ؟!..
الذي ينسى بأنه كان ضحية يرثى لحالها ، وهو الآن يلعب دور جلاد ، ناسيا بإنه ربما سيكون ضحية مرة أخرى في قادم الأيام و السنين ، عندما ينقلب السحر على الساحر ، وتغادر أوهامه القوة الشيطانية المحرِضة أو المحفِزة ..
هذا الإنسان الشرقي ؟! ..
الذي لا يستطيع إلا أن يكون : أما ضحية أو جلادا وبالعكس .. وذلك وفقا لتقلبات الظروف و الأحوال و الأوضاع وميلان ميزان القوة والغلبة لطرف ما من الأطراف ..
كما لو كنا في غابة الذئاب المسعورة !..
إنها الحكاية القديمة عن الإنسان الشرقي ، الذي لا يؤمن إلا بالغالب أو المغلوب !!..