ماذا لو كان الدليل دامغاً ومشيناً ؟!

 

كانت حصيلة أمس الأول مرة، إذ فقدنا أكثر من مائتين، من أحبتنا بين شهيد وجريح، في آخر هجمة إرهابية، تتعرض لها مدننا ومناطقنا المدنية، وفي مقدمتها مدينة بغداد، وعلى الأخص المناطق ذات الكثافة السكانية، التي يقطنها فقراء الشيعة عادة..!

وليس من المنتظر، أن تكون هذه الهجمة هي الأخيرة، فالمهاجمون يعتنقون عقيد الإفناء للمخالف؛ وهي عقيدة قائمة على حساب بسيط يعتقدونه، قائم على فكرة عدّاد بشري، يعمل بالعد التنازلي لعدد ضحاياهم..!

ولذلك تتصاعد وتائر الهجمات الإرهابية العمياء بإضطراد، ففي الشهر المنصرم وحده؛ فقدنا  قرابة أربعة آلاف عراقي بين شهيد وجريح..

وفي التحليل: ما يفيد بأن الهجمات منسقة، ومخطط لها بعناية فائقة، تعرف ماذا تريد، ومن تستهدف، وكيف تستهدف من تستهدفهم ؟.

قبالة هذا، ولندع جانباً أحاديث المؤامرة، ومخططات زعزعة الوحدة الوطنية، وضرب التماسك المجتمعي، ومحاولات إسقاط العملية السياسية، ووأد تجربتنا الديمقراطية، فكل هذه الأحاديث؛ تعد أحاديث فارغة مبنى ومعنى، بل هي هراء، إزاء ما نفقده من خسائر وتضحيات جسيمة، ويمكن القول: أن هكذا أحاديث وأطروحات، تقصد وبصورة مباشرة لا لبس فيها، الإستخفاف الممنهج بدماء العراقيين، وهو منهج لا يخدم إلا القتلة..

إن تضبيب الجو العام بهذه الأحاديث، يعني فيما يعني، أن ثمة إرادة تستهين بما يحدث، وتصور أن المقصود، هو النظام القائم وليس الشعب، و واقع الحال غير هذا قطعا..

فمستوى الهجمات، وعدم إستهدافها الساسة أو القادة السياسيين، أو مثاباتهم ومقراتهم، يعني واحداً من إحتمالين لا ثالث لهما: أما أن الهدف هو الشعب بما هو شعب، وبما هو يعتنق من قيم ومبادئ وعقيدة، أو أن الساسة لا تهمهم تلك الهجمات، وأنها تصب في مصلحتهم وإنعاش وجودهم؛ الذي بات فاقداً للشرعية والمشروعية، منذ أمد طويل..

لكن ثمة نتيجة نستخرجها بدمج هذين الإحتمالين، وهي نتيجة مقبولة وفقاً لقواعد علم المنطق، قائمة على نظرية المؤامرة التي يعتنقها الساسة، النتيجة تقول: أن الساسة شركاء فعليين وبالمباشر بإستهداف الشعب؛ لإن تلك الهجمات تعجل بالفرز الطائفي، الذي تبقى وحده فقط، كورقة لبقائهم في مواقعهم الراهنة، والأنباء التي تتحدث عن تمويل خارجي وبمبالغ ضخمة، رقم إحداها 100 مليون دولار من طاغية البحرين لحزب واحد، دليل دامغ ومشين..أليس كذلك أيها الحزب العريق؟!

شعبنا شخص المشكلة، وحدد مسبباتها، وليس من العسير عليه؛ أن يعيد الأمور الى نصابها، ويضرب ضربته القاصمة، ويتخلص بآن واحد من الإرهاب وأدواته، ومن الساسة العقيمين وما يأفكون، شعبنا ليس أجساداً خاوية، تركض وراء خبزها كما يعبرون؛ بل هو شعب حي خلاق، منجب منتج للأذكياء والمخلصين والأقوياء أيضا..!

كلام قبل السلام: لقد توصلت إلى قناعة مفادها أن السياسة أمر أكثر جدية من أن يُترك للسياسيين..! (شارل ديغول).

 

سلام..