لا أتذكّر الممثل المصري الذي ذاعت على لسانه جملة: "دي عالم فاضية يابا"، ولكنني أتذكّرها بسبب من تكرارها أيام ما كانت الدراما المصرية تصول وتجول في الشاشات العربية بعزف منفرد تمت الإطاحة به بعد دخول درامات عربية منافسة، ثم حدث الزلزال الأكبر مع دخول الدراما التركية السوق فأطاحت بما عداها. على ايّ حال، وأرجو أن تعذروني بسبب استطراداتي الكثيرة، فلقد تذكّرت هذه الجملة وأنا أتابع خبراً لواحدة أسمها: كيم كارداشيان.
وقبل قراءة هذا الخبر دعوني أسرّكم: أنا لا أعرف من هي كيم كارداشيان هذه، ولكن بعد قراءتي للخبر ذهبت فوراً للعم العزيز "جوجل" لكي أتعرّف عليها، واكتشفت أنها مجرد "ممثلة وعارضة أزياء أميركية عرف عنها ظهورها ضمن الأحداث الفنية وتقديمها برنامجاً في تلفزيون الواقع". قلت مجرد، ذلك أنها، بأي حال، ليست واحدة من كبار ممثلات هوليوود المعروفات في شتى أنحاء العالم.
أما الخبر، فيقول: "ولاستئجار ملعب AT&T Park، حيث طلب فيه كانيي (مغني راب أميركي) يد كيم كارداشيان، كلف الأمر نحو مائتي ألف دولار. هذا، من دون أن نتحدث عن الطائرة الخاصة التي نقلت أسرة كارداشيان والأوركسترا إلى سان فرانسيسكو لحضور هذا الحدث الكبير، الذي قيل إنه كلف نحو 50 ألف دولار... وكلف خاتم خطوبة كيم كارداشيان نحو الـ 2.5 مليون دولار على الأقل!".
وبعد بحث استمر لساعات شاهدت فيه الكثير من الصور، الساخنة جداً، لهذه السيدة، وقرأت عنها عدداً من الصفحات التي تتحدث عن جاذبيتها، وأنوثتها، واشياء أخرى!، كما قرأت عن زواج استمرّ لشهرين وانفضّ بسبب تكاليف حفل الزواج الباهضة، واتهام الزوج لكارداشيان بأنها وظّفت حفل الزواج لأمور استثمارية، ثم عن طفل لها من حبيب يتحول لاحقاً إلى زوج... ألخ... ألخ...
معبودة الجماهير هذه لا تشبه نجماتنا العربيات، بدءاً من فاتن حمامة وليس انتهاءً بمنى زكي. بل قل إنها لا تشبه نجمات كبيرات مثل آن هاثواي، التي حلقت شعر رأسها بالكامل من أجل عيون دورها في التحفة الكبيرة "البؤساء"، هذه الممثلة التي قدمت، في هذا الفيلم المدهش، مشهداً سيظل على الدوام وصفة للعن الدعارة والابتذال في الجنس، ابلغ من أي خطبة أو كتاب في هذا الخصوص. وبالطبع، فلو تلفتّ حولك، وسالت عن الممثلتين، فإنك لن تعثر على جواب كامل حول بطلة "البؤساء" وستجد العديد من الأجوبة الممتازة حول خاتم كارداشيان، مثلاً.
ما علينا... لقد كان بودي أن أكتب عن عدد من المهرجانات التي شهدتها العاصمة بغداد في الأسبوع الماضي. مهرجانات للشعر والمسرح والسينما، ولكنني أحجمت عن ذلك بسبب حسّاسية مفرطة لدى عدد كبير من الأصدقاء الذين يعملون في هذه المهرجانات، بصيغة منظمين، أو مساندين للمنظمين، من أي نقد من الممكن أن توجهه لتلك المهرجانات، لا لشخوصهم الكريمة.
الحسّاسية العراقية، هذه، قديمة، وكنت خبرتها مرّات ومرّات. أنت لا تطلب من ممثلة عراقية أن تبذل المزيد من الجهد التقني والمعرفي من أجل أن تظهر أمام المشاهدين بدور بارز ومؤثر، ذلك يعني، بالنسبة لها، أنها ممثلة سيئة. والأمر ينطبق على فيلق من الممثلين والمخرجين والتقنيين. حسّاسية هؤلاء عالية جداً أزاء النقد، ولو كان عابراً. يتّهمونك بشكل مباشر بأنك تريد عرقلة الجهود الوطنية لصنع ثقافة راقية.
بسبب من ذلك أحجمت عن الكتابة، هذه المرّة، عن مهرجانات بغداد عاصمة للثقافة العربية، وقرّرت الخوض في السخرية من ملايين كيم كارداشيان التي حصلت عليها بلا تعب، فهي، بالنتيجة، لن تتحسّس من كلامي. هي تدرك جيداً أنني عادة ما يسيل لعابي على أشياء كثيرة لديها، ومنها بالطبع خاتمها الثمين!