بين سنودن ومحمد علاوي

 

قبيل استقالته نصح محمد علاوي وزير الاتصالات السابق المسؤولين العراقيين بعدم النطق بأمور مهمة عبر هواتفهم النقالة لأنها "مراقبة" وبنسبة اكثر من 90% من جهات داخلية وخارجية لم يكشف عنها. انذاك لم يكن قد ظهر بعد على سطح الاحداث ادوارد سنودن الموظف في وكالة الامن القومي الاميركية. سنودن كشف  عن قيام بلاده بالتنصت على هواتف زعماء 35 دولة كانت بعضها بعلم الرئيس الاميركي (باراك اوباما). في العراق حين نصح علاوي زملائه المسؤولين بعدم البوح باسرار مهمة تتعلق بامن الدولة اقيل من منصبه بعد تبادل رسائل واتهامات بينه وبين الحكومة. اما ما كشفه سنودن فقد اشعل فتيل ازمة سياسية لاتزال تتفاعل بين اميركا وعدد من العواصم الاوربية في المقدمة منها برلين وباريس واسبانيا وقبلها موسكو التي طلب سنودن اللجوء اليها.
العالم المتحضر لايمكنه التهاون حيال قضايا من هذا النوع. فالتنصت هو عبارة عن تجسس وحين يحصل ذلك  من قبل دولة عظمى بحجم الولايات المتحدة الاميركية, فانه يصعب الحديث عن معايير اخلاقية ومهنية وربما مواثيق شرف على طريقتنا العراقية الشهيرة يمكن الاطمئنان اليها. ولعل الامر ياخذ بعدا اخر حين يحصل ذلك بعلم رئيسها المثقف والخطيب المفوه والحائز على نوبل للسلام. جماعتنا لم يستمعوا  الى نصائح علاوي كعادتهم في "التطنيش" او احالة كل شئ الى جهات سياسية خارجية بهدف التامر لاسقاط العملية السياسية. الجماعة لم يستمعوا الى نصيحة علاوي اذا ليس لان سرهم في "بئر" بل لاسباب اخرى من بينها نظرية المؤامرة وبعضها الاخر هو ماحاول الدكتور طه جزاع الاقتراب منه في مقاله هنا في "المشرق" يوم الثلاثاء الماضي  بطريقة أوباخرى ولكنه التزم جانب "المحذورية" والنصيحة مثل  علاوي الذي خسر منصبه لانه لم يتصرف على طريقة "وهل انا من غزية ان غوت غويت وان ترشد غزية ارشد" بل وجد انه كمن يؤذن في مالطا, وبالتالي فانه استقال واقيل في الوقت نفسه تاركا الهواتف النقالة والكيبلات وانظمة "جي اس ام" مفتوحة ولاتوجد ضوابط لتشفيرها مثلما تفول هيئة الاعلام والاتصالات. الدكتور طه تصور انه كمن اخترع "الجاجيك" حين قال .. ياجماعة "تره" اسرارنا "ليست في بئر". وبودي هنا ان اسال جزاع الابن " قابل بس بوش الابن.. يعني على راسه ريشة؟"  هل بقيت لدينا اسرار حتى نبحث لها عن بئر او جب لنلقيها  في غياباته؟ الم تشاهد الفضائيات يادكتور ام انك لاتشاهدها لانك لاتحب المحلليين السياسيين من امثالي وما اكثرهم هذه الايام؟ اتركنا من برامجنا السياسية في معظم الفضائيات والتي  "تفلس" يوميا عشرات الوثائق من مختلف دوائر الدولة ومؤسساتها بل احيلك فقط الى مشهد التوقيع على وثيقة الشرف.. امام وسائل الاعلام ومن على المنصة التي تزاحم عليها علية القوم كان يفترض انهم اتفقوا خلف الكواليس على كل ما يصون الشرف الرفيع بمن في ذلك تلبية مطالب المتظاهرين المشروعة. لكن الحقيقة كانت بخلاف ذلك. فقد حذفت فقرة من البيان الختامي. هنا لم يعد لسنودن او محمد علاوي وجود.. اعترض رئيس البرلمان اسامة النجيفي علنا على ما يفترض انه "سر ببئر". وحين اراد رئيس الوزراء نوري المالكي "يطمطمها" خشية ان ينكشف المستور قال للنجيفي علنا وعلى الهواء "احنه نسويها بيناتنا". اذن يابير يابطيخ يا "جعب بريك"؟