زيارة المالكي لامريكا.. لمصلحة من وعلى حساب من؟

 

كيف تحافظ على كرسيك في 72 ساعة
وأخيرا حط المالكي رحاله في امريكا للقاء اوباما في زيارة اجلت سابقا لأسباب لا يعلمها إلا الادارة الامريكية والراسخون في العلم  . ومثلما هو الحال  في عراق المالكي  فقد شوش على الزيارة وأحيطت بالكثير من الغموض لإخفاء اسبابها الحقيقية رغم اننا في دولة من المفترض ان تكون زيارات كهذه معروفة الاهداف ليس من قبل مؤسسات الدولة فحسب بل وحتى  للإعلام ... ولكن في عراق المالكي كل شيء يدار في الدهاليز بعيدا عن الاضواء وكأننا في دولة مافيات لا دولة مؤسسات وحكومة منتخبة . المعلن عن اهداف الزيارة هو للتباحث حول العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تطويرها ( الكليشة الجاهزة لأي زيارة ) اضافة الى السبب الذي صرح به المالكي قبيل مغادرته بغداد وهو عقد صفقات اسلحة مع الجانب الامريكي لمحاربة الارهاب . 
 تشير جميع التوقعات الى ان هناك اهدافا اخرى للزيارة تجردها من اي اهميتها لدى المواطن العراقي بل وتجعلها موضع انتقاد له , فالزيارة الميمونة تأتي والعراق على ابواب انتخابات برلمانية لا يمكن توقع الفائز فيها خصوصا بعد التقارير التي تشير الى امتعاض الادارة الامريكية عن سياسات المالكي المحابية لإيران على حساب المصالح الامريكية في المنطقة .. وكذلك تدهور شعبية المالكي في الشارع العراقي  مما يتطلب العمل في عجالة  لضمان رضى امريكا وإيران والحصول على بركاتهما في تجديد ولاية ثالثة له , ومن معرفة سيكولوجية (دولة) رئيس الوزراء العراقي نستطيع ان نحدد المسار الذي ستتجه اليه هذه الزيارة والتي يمكن تلخيصها في النقاط التالية :-
1- طرح  نفسه كحلقة وصل مهمة في اي تفاهم او تفاوض ايراني امريكي حول نقاط الاختلاف بينهما واستمرار الاتصالات بينهما عن طريقه .
2- الاعتماد على موضوع الارهاب وطرح سيناريو شن حرب شاملة عليها تشترك فيه ايران والنظام السوري الحالي  يكون وجود المالكي فيه ضرورة امريكية , وهذا ما يفسر العرض المغري الذي اشار اليه المالكي باستحياء في مقالته الاخيرة لصحيفة النيويورك تايمز الامريكية .
3- عرض الخدمات المالكية على الادارة الامريكية باستعداد العراق لتوجيه الازمة مع سوريا للاتجاه الذي بحافظ فيها على مصالح و اجندات امريكا في المنطقة .

فان كانت الزيارة تقتصر على هذه المسارات فإنها لا تخرج عن كونها بداية مبكرة للحملة الانتخابية للمالكي   وهي بعيدة كل البعد عن اي مطلب عراقي شعبي ولا تصب في صالح الفرد العراقي لا من قريب ولا من بعيد , فالعراقيون لا يعنيهم كثيرا فيما اذا نجح المالكي في البقاء  لولاية ثالثة ام خسر .. ولا  فيما اذا تمكن من الحفاظ على المصالح الامريكية والإيرانية في المنطقة ام لا خاصة وان هذه المصالح تكون عادة بالضد من المصلحة الوطنية العراقية .
اما اذا نزلنا عند رغبة المالكي وقبلنا جدلا ان الزيارة هي لعقد صفقات اسلحة امريكية لمحاربة الارهاب فهذا ايضا يعكس مدى استهتاره بمقدرات الشعب والتلاعب بثرواته الوطنية , فتمرير هذه الصفقات في هذا الوقت لا يخدم العراق بقدر ما يهدف  لكسب ود الادارة الامريكية التي  تمر بأزمة اقتصادية خانقة , وعندما نقول بان الجيش العراقي لا يحتاج مثل هكذا صفقات الان فنحن نعتمد على الوقائع الموجودة على الارض ولا نقولها جزافا انما اعتمادا على النقاط التالية
1- يخوض العراق اليوم حربا (مفترضة ) على ما يسمى بالإرهاب وهو في حربه هذه لا يحتاج الى ترسانة كبيرة من الاسلحة بقدر احتياجه الى جهد استخباراتي بالتعاون مع دول الجوار استخباراتيا لتعقب  هذه الجماعات المسلحة  خصوصا وان هناك اكثر من تسعين مليار دولار صرفت على صفقات الاسلحة والمعدات وعلى الاجهزة الامنية منذ الالفين وستة ولحد يومنا هذا دون ان يكون هناك اية مردودات ايجابية على صعيد الوضع الامني .
2- ان تجارب العراق السابقة مع  صفقات الاسلحة هي تجارب غير سارة  لما تخللتها من فساد مالي وعمولات غير مشروعة لساسة مقربين من المالكي , وكانت عبارة عن صفقات تجارية يحصل بموجبها هؤلاء على اموال طائلة اكثر من كونها صفقات اسلحة للجيش وفي الغالب كانت الاسلحة المتعاقد عليها اسلحة غير صالحة للاستعمال كما حصل في عقود سابقة كثيرة  مما اثقل كاهل الشعب العراقي وافقده الثقة بأمانة وإخلاص ساسته . 
3- قبيل زيارة المالكي هذه سرب للإعلام تقريرا عن جهات مسئولة في وزارة الدفاع العراقية تفيد بعدم قدرة العراق على تسديد مستحقات عقود الاسلحة الماضية نظرا للعجز المالي الذي يعاني منه والذي سيستمر لغاية سنة 2020  ناهيك عن توقيع عقود جديدة , ومع ذلك فقد اكد المالكي قبيل مغادرته بان الزيارة تهدف لعقد صفقات اسلحة مع الجانب الامريكي , ولا ندري من اين سيسدد المالكي ثمن هذه العقود إلا اللهم ان كان فعلا قد تحول  الى كريندايزر كما يتندر بذلك العراقيون  وكما يقال باللهجة العراقية  ( هذا كلشي يكدر يسوي ) .
. نستنتج من النقاط السابقة ان زيارة المالكي الحالية لأمريكا  لا تصب بأي حال من الاحوال في مصلحة الشعب العراقي رغم ان هذه الزيارات تكلف الدولة اعباء مالية كثيرة تؤثر على مستوى معيشة الفرد العراقي دون ان يكون لها نتائج ايجابية في الاوضاع البائسة للعراقيين  . ولذلك فمن الخطأ ان تتحمل الخزينة العراقية تكاليف هذه الزيارات ( الشخصية ) . وهنا نطالب البرلمان العراقي ان يعيد النظر في تخصيص المبالغ المالية لهذه الزيارات ووضع شروط لها .... فأما ان تكون الزيارات هذه معلنة الاهداف والأسباب وتصب في خدمة الشعب العراقي او فليتحمل اعبائها المسئول نفسه او الجهة التي تكون الزيارة لمصلحتها سواء كانت امريكا او ايران .