صدام.. بلا تشابيه

 

العراق مشتعل بعدعامين من مغادرة القوات الأمريكية، مثل أحد التحديات التي يوجهها الرئيس الأمريكي اوباما، استشهد بحدود 600 عراقي خلال هذا الشهر، المالكي وفي زيارته الى واشنطن يطالب زيادة الدعم العسكري وإعادة عقارب الساعة الى الوراء، مأزق كبير وقعت فيه القوات الامريكية بعد عدم حصولها على الحصانة،  إنسحب نهاية عام2011م بصورة مفاجئة، زيارة المالكي تأتي مع زيادة الضحايا وتدهور الوضع الأمني ، ولديه قائمة من التسوق تشمل طائرات مسيرة ومروحيات وأجهزة إعتراض لا سلكية، لكن المشكلة عند امريكا إنه قبض السلطة بحكومة مركزية يناور الأطراف السياسية، مع إنحدار أمني وخدمي وفساد كبير.
 الصحف الأمريكية وبالخصوص نيويورك تايمز واجهت الزيارة بعاصفة من الإنتقادات، تحدثت كثيراً عن الدكتاتوريات وضياع المليارات، وصفت العراق  بلد فاقد الأهلية وإنهم نادمون لإسقاط صدام.
الدكتاتورية إغتصاب السلطة سواء بإنقلاب عسكري او إلتفاف او خيانة المقربين، يمكن ان تأتي  بالإنتخابات مثل هتلر ومرسي، ثم  يهيمن على مقدرات الدولة وجعلها أدوات تدميرية. نتذكر جيداً حينما جعل الدكتاتور قيادة الأجهزة القمعية بيد أبنائه لتصفية الخصوم، والدولة تقاد من عائلته.
السد ابو احمد لا يستطيع قادة الدعوة معارضته والتأثيرعلى قراره، لا يسمع مثلما كان سابقيه الاّ صدى صوته من مقربيه، لا يعارضون أبناء الرؤوساء في القرار. الهيمنة تبدأ من قوة مركزية  مطبقة على القرار، تنتقل من الحزب الى العائلة.
 طعن الصلاحيات الجديدة للمحافظات التي منحها القانون 21 في عام 2008م بعد تعديله لفض النزاع بين سلطة المركز والمحافظات غير المنتظمة بأقليم، أسس خلال الأعوام السابقة للفساد، وهذا ما دفع  الوزراء الطعن كونهم مستفيدين، فشلوا في تقديم الخدمات، معترضين على محاسبة  وإقالة المفسدين من قبل مجالس المحافظات والمحافظين، في تجاوز واضح على الدستور والقانون، بذلك يكون المدير العام مرتبط بالوزير او رئيس مجلس الوزراء، ما أضاع الأموال والإعمار والتطور، حصرت صلاحيات المحافظة بالتبليط والترصيف والتشجير.
 قانون المحافظات يعطي صلاحيات إدارية ورقابية وأمنية واسعة، والتخلي عنه عودة  للشمولية والدكتاتورية والمركزية،  وإبتعاد عن الدستور الذي يشير الى نظام الحكم اللامركزية.
 لم يحبب لي في يوم ما التحدث عن نظام صدام الفاشي الدكتاتوري الشمولي، ومَنْ يصدق أهالي كربلاء مسقط رأس المالكي ومدينة الحسين (ع) أن تنسى مشاهد القتل في الضريح  والضرب بالمدافع وصور الدبابات، حتى يهتفون اليوم بإسم صدام ، ويدعون  لتخفيف أحكام الإعدام عن صابر الدوري محافظها في تلك الحقبة.
الصحف الأمريكية لا تتحدث عن فراغ  ولا تبطن الاّ المصالح الامريكية  ونظام الشرق الاوسط الجديد، تنظر بسلبية الى حكم العراق، كونه تجربة فاشلة في تطبيق الديموقراطية ومحاربة الإرهاب والفساد.
تمسك رئيس مجلس الوزراء بقبضة من حديد بمعظم المناصب وكالةً، افقدته السيطرة على إدارة البلاد، أبعد الكفاءات والتكنوقراط من التصدي والتخطيط الستراتيجي، ما جعل المواطنون الكربلائيون غاضبون، مسح شيء من سواد تاريخ الدكتاتوريات والظلم، أسس لثقافة تقول: الفساد سببه الحرية والتربية الإجتماعية، ما يعني إن المجتمع يعاني من خلل المنظومة الفكرية، كي يصل الى قناعة أن لا صلاح الاّ بعودتها، والعائلة المالكة هي الوحيدة الحريصة على البلاد ولا بديل الاّ توارث السلطات من الأباء للأبناء, تقود الحياة المدنية العساكر والحديد والنار.
كلامنا ليس من باب التشبية بالأشخاص؛ إنما للتنبيه وتحريك الذاكرة  وتنشيطها .بعد أن  سيطر عليها التفكير الأحادي الذي أوصلنا الى إحتلال العراق ودخول القوات الأجنبية وتمزيق مجتمعه.