القول بأنصاف الحقائق يطمر الحقيقة كلها

 

كتب عميد كلية الإعلام عموداً انتقد فيه ودان ظاهرة (القفز) على ضوابط القبول للدراسات العليا والكيفية التي (ينحدر) معها هذا التعليم نحو الهاوية.
ومع الاتفاق على ادانة الظاهرة والاتفاق أيضاً على ضرورة وضع حد لهذا الاستهتار بالعلم وبرصانة الحرم الجامعي، لكن قبل هذا لا بد من الوقوف على جذر المشكلة، ولا بد من تساؤل عما إذا كانت الجامعات ما زالت تحتفظ بحرمها وجلالها؟
لنتساءل: إذا كانت الوزارات والأحزاب تفرض على الجامعات قبول مرشحيها من دون ضوابط فهل الأساتذة، مدرسين ومشرفين وادارات، لهم من الرصانة والعلمية التي تفرض عليهم عدم التساهل وتمرير البحوث والأطاريح لطلبة غير مؤهلين فرضتهم جهاتهم؟
هل لدى (كثير) من الأساتذة الأهلية العلمية، ولن أتكلم عن الأهلية الأخلاقية، التي تمنعهم من التواطؤ مع بحث أو رسالة أو اطروحه تفتقر إلى كل شيء، وتفرض عليه عدم تمريرها ومنح الدرجات بالاعتباطية المعروفة؟
لنتذكر أن دكاناً كان في الصالحية في التسعينيات وعليه يافظة تقول: مستعدون لكتابة الاطاريح والمساعدة فيها. وكان صاحب الدكان كاتباً معروفاً.
لنتذكر أن أساتذة، في التسعينيات وتحت ضغط الحاجة، كانوا هم مَن يكتبون الاطاريح لطلبتهم الذين هم الآن بحكم الدكاترة.
الجامعات يا صديقي العميد هي بحاجة إلى أن تراجع مدى تأهيلها ونظافتها العلمية والأخلاقية قبل أن نعمل على وقف التدهور القادم إليها من خارجها، من حكومة وأحزاب..
في أول عام للدراسات المسائية في أواسط التسعينيات كنت طالبا في كلية اللغات، اللغة الإنكليزية، وقررت بعد نجاحي في المرحلة الأولى وبدء الدوام في المرحلة الثانية، أن لا أعود إلى الكلية حين أكد استاذ الشعر الإنكليزي، أن قصيدة كنا ندرسها وكانت لشكسبير، نعم لشكسبير، وكان يتبأ بها بـ (أم المعارك).. وأن القصيدة تتحدث عن (أم المعارك)، وكانت المصيبة حين وجه الأستاذ الكلامَ للطلبة قائلا: تستطيعون التأكد من أستاذ عبدالزهرة وهو زميلكم كيف أن هذه القصيدة كانت عن (أم المعارك).. على قائمة صداقاتي كثير من زملائي الطلبة حينها ويتذكرون الحدث والقصيدة وتركي الكلية بعدها.
هذه هي الأسس التي سمحت باختراق الجامعة.