فشل لغوي للمالكي في واشنطن

 

لم يشأ رئيس مجلس الوزراء أن يعاين ويتفحص الملاحظات التي أبداها بشأن سياساته أعضاء مرموقون في الكونغرس الأميركي عشية زيارته الى واشنطن واثناء لقائه بهم، واختار بدلا عن ذلك أن يوجّه اليهم ما يشبه الشتيمة باتهامهم بأنهم "متأثرون بحملات الدعاية المضادة التي تُشن ضد العراق"!
وكان عدد من أعضاء مجلس الشيوخ قد بعثوا برسالة الى الرئيس باراك أوباما، قبل أن يصل المالكي الى العاصمة الأميركية بعدة ايام، لفتوا فيها الانتباه الى أن "سوء إدارة المالكي للعراقيين أدى إلى تدهور الأوضاع هناك وقد يجرّ البلاد إلى حرب أهلية"، كما نقلت عنهم "نيويورك تايمز" التي اضافت ان الرسالة وصفت المالكي بانه يمارس سياسة "التسلط والتعصب".
لاحظوا الفرق هنا في اللغة المستخدمة فأعضاء مجلس الشيوخ، وهم رجال دولة محنّكون وبينهم مرشح الرئاسة السابق السناتور جون ماكين، استخدموا التعبير الحذر "قد يكون"، فيما رئيس حكومتنا أخذ راحته في اتهامهم بالتأثر بالدعايات المضادة، من دون "قد يكونون" أو "ربما يكونون"، كما لو انهم شبان أغرار دخلوا للتو حلبة السياسة.
بالتأكيد لم يكن المالكي يعني بـ"الدعاية المضادة التي تُشنّ على العراق" هي دعاية تنظيم "القاعدة" أو فلول النظام السابق، لأن تهمة كهذه اذا ما وُجهت الى المشرّعين والسياسيين الأميركيين ستكون بمثابة شتيمة سافرة. الأرجح ان ما عناه هو الانتقادات المتواصلة والمتصاعدة التي دأب الكثير من السياسيين والإعلاميين والمثقفين العراقيين على توجيهها الى السيد المالكي بشأن إدارته البلاد، وهي إدارة فاشلة باعتراف حتى الحلفاء الأقرب للمالكي في "التحالف الوطني".
ممّا قاله أعضاء مجلس الشيوخ في رسالتهم أيضاً إن "السلوك السيئ للسياسة العراقية التي ينتهجها المالكي تساهم في تزايد اعمال العنف"، وان "هذا الإفلاس في الحكم يرمي العديد من العراقيين السنة في أحضان القاعدة في العراق".
مثل هذا الكلام يقوله على الدوام الكثير من العراقيين من الساسة والاكاديميين والمثقفين منذ سنوات، وكان الأجدى بالسيد المالكي ان يستمع اليه منهم ويتأمله ويأخذ به قبل ان يسمعه من الساسة الأميركيين.
ان استخدام السيد المالكي تعبير "الدعاية المضادة التي تشن على العراق" لوصف الانتقادات المحلية الموجهة اليه والى سياساته تعيد الى الاذهان ما كان يفعله صدام حسين، فهذا أيضاً كان يوحّد في ما بين نفسه والعراق، وكان يتهمنا نحن المعارضين، والسيد المالكي واحد منا، باننا معادون للعراق واننا نشن دعاية موجهة ضد العراق!
لا ادري كيف ولماذا يضع السيد المالكي نفسه دائما ًفي موضع كهذا؟