العراقيون والطغيان

 

حين هبت رياح التغيير القادمة من وراء البحار وضربت النظام المباد واقتلعته من الجذور استبشر العراقيون خيرا ..وحين تولى الأمر فتية يؤمنون بالله ويؤدون الصلاة في أوقاتها وتظهر على جباههم آثار السجود قال العراقيون بان هؤلاء قد اكتووا بنار طغيان( الرفاق) وعنجهيتهم وخشونتهم وعانوا الأمرين من ملاحقة الأجهزة الحزبية والأمنية التي كانت لا تتردد عن الاستهانة بكرامات الناس ومقدراتهم ولذلك فأنهم  سيذهبون بالبلاد والعباد إلى دولة القانون والعدل والخبز والكرامة والمساواة وسوف يتقون الله في دماء الناس وأموالهم فهل حدث ذلك ؟؟..
لقد كان( رفاق) الأمس يتجولون في أسوا الأحوال برفقة سائقيهم ومرافق واحد ومن دون أية ضجة أما مواكب المسؤولين اليوم والتي تتحرك كالعواصف في المدن العراقية فقد ابتكرت وسائل جديدة لم نسمع بها من قبل ولم نر مثلها ..
فمن منا  لم يسافر يوما بسيارته الخاصة إلى هذه المدينة او تلك ثم في غفلة منه ينطلق خلفه دوي مرعب يشبه الانفجار وحين يتمالك نفسه ثم يدقق في المرآة سيجد انه بوق لسيارة لا ادري كيف وأين صمم ولأي غرض ::؟ وحين تدقق النظر سترى أفرادا مسلحين يأمرونك   بمغادرة    الشارع   لان ( فلان) يريد أن يمر ,,,
وحبن  يمر ذلك ألفلان  بسلام فانك ستسترجع وتحمد الله وتثني عليه على سلامتك وعدم إصابتك يمكروه تم  تواصل مسيرك بأمان الله وحفظه ...وما هي الا ريثما يركب( الحمار) حتى ينفجر في أذنيك صوت ينطلق من خلفك عبر مكبر للصوت محمول على عجلة عسكرية يدعوك فيه صاحبه قائلا (أبو الكية أطبك على صفحة )...وإذا كنت من النوع المسالم والذي يحترم نفسه تلتزم بالأمر وتكتفي ب (التدردم ) من قبيل لعن الساعة التي ولدت فيها في هذه الأصقاع ...
والغريب أن هؤلاء المسؤولين يبررون هذا الشكل من الحركة بين أهليهم وأبناء وطنهم الذين أوصلوهم إلى تلك المراتب بالجانب الأمني فهم مستهدفون من الإرهاب كما يقولون ولم أجد تبريرا أكثر مجانبة للحقيقة من هذا التبرير لان العكس تماما هو الصحيح فلو تعلق الأمر بأمن المسؤولين وسلامتهم  لكان الأفضل لهم التحرك كما يتحرك الناس وبذلك لا يكتشفهم الإرهابيون الذين يستخدمون عادة السيارات المفخخة والعبوات الناسفة  والتي تكون عادة فعالة ومدمرة وأكثر أذى عند مرور المواكب.   ويروى في  هذا الباب أن احد المسؤولين الذين قذفهم  (تسونامي ) إلى مواقعهم الجديدة استغرب في أول عهده بالمسؤولية وتساءل عن سبب تجاهل أبناء مدينته لتحيته لهم حين كان يرفع يده من سيارته فقيل له بأنهم لا يرونه بسبب ( إلجام المضلل  )...
لقد قضيت أسبوعا محاولا أن أجد تفسيرا لهذا النمط من السلوك فلم أجد الا تفسيرا واحدا يتلخص  بان البشرية منذ قابيل وهابيل تعيش صراعا دائما ومستمرا بين فئتين أحداهما حاكمة والاخرىمحكومة تمارس فيه الفئة الأولى كل أنواع القهر والإذلال للفئة الثانية التي تلجا عادة في مثل تلك الضر وف وهي  تكابد وتقاوم  إلى رفع شعار الشرف والعدالة والقيم النبيلة وتقوى الله والى آخر مسلسل الادعاءات الفارغة من أي محتوى  وحين تنتصر هذه الفئة على أختها وتتولى الحكم تفعل أضعاف ما فعلت الفئة الباغية التي خسرت المعركة ثم غادرت  ...  وإلا فاخبروني بشيء فعله صدام ولم يفعله البعض ...