البرلمان.. البطران

 

في إحصاء نشرته إحدى الصحف البريطانية أن أغلى برلمان في العالم هو البرلمان العراقي ... إذ تبلغ  أجرة البرلماني الواحد ألف دولار في الساعة ...ولان البرلمان العراقي بلا انجازات تحسب..لو حسبت جدواها على أساس الكلفة المصروفة من المال العام  ... وبالتالي البرلمان العراقي مبدد للمال العام ...وتداعيات ذلك البرلمان فاسد بامتياز على ذمة الصحيفة البريطانية ... ويصح عندها المثل الشعبي الذي يقول " حاميها حراميها "... دعونا نتفق مع الصحيفة في توثيقها لغلاء مجلس النواب ... ونترك الغير موثق من الهمس المسموع حول الصفقات التي تجري بين البرلمانيين والوزراء ... اذا كان الوزير من كتلة البرلماني فان المقاولات والعقود تحال للشركات التي تدعم تلك الكتلة " هذا ماصرح به كمال ألساعدي " ... وإذا كان الوزير من كتلة منافسة لكتلة البرلماني ... فالتلويح بملفات الفساد... أي الابتزاز ... وهذا ما حصل مع وزير الكهرباء ...
إذا كان صح ماورد في الدستور من ان لكل مائة الف نائب واحد ... فكم يبلغ عدد النواب في الهند لابد في هذه الحالة ان يساوي عددهم المليون ...ومثلهم نواب البرازيل ... وربما الصين ايضا ... وبحساب رواتبهم وامتيازاتهم ... فان الميزانية العامة لتلك الدول  تكون مدانة دائما للنواب لانها وفق هذه النسبة لن تكفي لسد رواتب وامتيازات النواب ... وبالتالي فالشعوب في خدمة نوابها لا العكس ...
واحدة من مؤشرات الفقر في العراق هي الزيادة السكانية الانفجارية والتي لا يبدوا انها تحظي بأي انتباه حكومي ... فالفكر السياسي الاسلامجي  يساند الزيادة السكانية حتى وسط الفقر والبطالة ومعاناة ربع أطفال العراق من الجوع ... وواحد من كل عشرة معوق بسسب الجوع ... والتفسير الاسلامجي لذلك بان هؤلاء الأطفال رزق من الله حتى ولو عاشوا في ضنك وحرمان باعتبار أن الله هو الرازق لهم ... كما رزق الجعفري والمالكي والخزاعي واياد السامرائي والمشهداني برواتب لاتقل عن مائة مليون شهريا " الله يرزق من يشاء "... في الفكر التنموي الليبرالي ان الزيادة السكانية الغير اعتيادية تقود للفقر لارتفاع نسب الإعالة وهي السبب المباشر في عمالة الأطفال وبالتالي فالحكومة الرشيدة تضع من أولى سياستها لمكافحة الفقر برنامج صارم لتنظيم الأسرة باعتبار نظرية مالتوس التي تقول بان الزيادة السكانية لاتتناسب ودائما مع ارتفاع الموارد وحاجات الناس لذلك نرى أكثر البلدان فقرا أكثرهم تكاثرا... سادتي عذرا للإطالة ... لكن الرابط ان العراق وفقا للإحصاءات التنموية سيتضاعف سكانه خلال العشر سنوات القادمة ... وعندها سيكون لدينا وفقا لدستورنا المعوق 700 برلماني ... ولابد ان نوفر لهم من الآن قاعة تتسع لهم ...و7000  شخص ولحمايتهم و1800 سيارة لخدمتهم ... وحينها وحتما سيكون وقت مناقشة أي مشروع قرار لاتقل عن الشهر لان غالبيتهم يريدون الظهور في التلفزيون ليس الا  ... واذا اختلفت وجهات النظر والآراء تجاه هذا المشروع فسيكون من الاستحالة التوافق بينهم ...
في مناقشة قانون الصحة الحيوانية ... قرر نائب اسلامجي نقض القانون" رغم التصويت عليه "في المحكمة الاتحادية لانه اعترض على مفردة " يذبح على الطريقة الاسلامية "... وهذا الخرف يعتقد ان المصطلح الاسلامي يجب ان يكون "يذكى"... وليس يذبح مع ان كل الدول الإسلامية التي تصدر لنا اللحوم بأنواعها تعلمها بجملة " ذبح على الطريقة الإسلامية أو ذبح حلال " ... لاحظوا معي ان هذا المخرف لو فعلا نقض هذا القانون فانه سيتسبب بخسارة الميزانية العامة مبلغا لايقل عن مليونين دولار باعتبار المدة التي استغرقت ليصدر هذا القانون وباعتبار إعادته مرة ثانية من قبل المحكمة الاتحادية للبرلمان  وباعتبار  ان هذا المخرف قد قبض عن كل ساعة لنقاش هذا القانون 1000دولار وفقا للصحيفة البريطانية .
النواب ومجلسهم تلقوا خلال الأسبوع الماضي " بوريين معدلة "... الأول إلغاء رواتبهم  التقاعدية من قبل المحكمة الاتحادية نتيجة للتظاهرات والضغط الشعبي ...أماالبوري الثاني فهو " 4انج"...عندما أعلنت المرجعية الدينية المبجلة عن رفضها الزيادة المقترحة لمجلس النواب الى 350 نائبا ...وهو بالأصل مقترح كردي بدافع حلب الميزانية العامة ...المرجعية المبجلة عن وكيلها في صلاة الجمعة في كربلاء وبالحرف الواحد أوضحت " بان زيادة اعضاء البرلمان سيثقل ميزانية الدولة بالمزيد من الأعباء" وألحقتها بجملة ابلغ " ماذا أنجز الـ 325 نائب حتى يضاف لهم 25 نائب آخر" .... 
سادتي ... عندما يكون هناك نقاش جاد حول موضوع ما ... ويأتي احدهم ويتحدث بموضوع بعيد كل البعد عن محور الحديث ... يوصف هذا المتحدث باللسان الدارج "بالبطران" ... ولآن البرلمان العراقي بعيد كل البعد عن الحاجات الحياتية للمواطنين ... ويتلقى نقدا حادا من المرجعية الدينية ... جراء هذا البعد ... فلا ابلغ من نعته بـ " البرلمان البطران "... ولعل أقوى دليل على هذا "البطر"... المماطلة في تشريع قانون الانتخابات ....