وزارة الشباب والرياضة ميزانية انفجارية لم يستفد منها شبابنا ورياضتنا

 

(المال يصنع الانجاز)، هكذا تعلمنا من خلال عملنا في المؤسسات الرسمية في الدولة العراقية او في سنوات الغربة حين كنا نعيش ايامها في السويد، فأي نشاط رياضي كان ام اجتماعيا مرتبط ارتباطا وثيقا بسيولة المال، حتى باتت الرياضة عبارة عن (صناعة وتجارة)، ناهيك عن تأثيرها في اسواق المال (البورصة).
في العراق ، الامر يختلف كثيرا لأننا دوما (نسبح عكس التيار)، فمنذ عام 2003 وحدوث التغيير نجد ان المال متوفر ومبذول لكننا نعاني من (التخلف) العمراني والاداري لاسيما في المجال الرياضي، فبالأمس كان العراق يمتلك ابطالا حقيقيين يعدّون صناعة عراقية خالصة. اما اليوم فأننا لا نمتلك ربع (بطل) ممكن ان يحقق للعراق وساما، بل نعيش على انجازات الماضي زمنا طويلاً، كما اننا كنا نملك منشآت رياضية حقيقية نباهي بها العالم ومنها دول الجوار والخليج، فملعب الشعب الذي بناه كولبينكيان الهولندي كان قبلة  للناظرين، اما قاعة الشعب المغلقة فإنها شكلت علامة بارزة في مسيرة البناء الرياضي العربي والعراقي في حينها، على الرغم من اننا كنا نقول ان الاموال كانت بيد متنفذي العهد البائد ولا نعرف كم هي ميزانية العراق السنوية!!، ولكننا بفضل الشفافية التي نعيشها ما بعد التغيير فأننا بتنا نعرف، ما معنى الميزانية وكم خُصص للدفاع او الاقتصاد او الرياضة، لذا بات علينا كسلطة رابعة ملزمين ان نتساءل ونراقب ونحاسب، وأجد هذا الامر من صميم عملنا الحقيقي.
ما دفعني الى الكتابة بشأن موضوع حيوي ومهم ، تصريح لوزير الشباب والرياضة المهندس جاسم محمد جعفر وقعت عيناي عليه مصادفة في احد المواقع الالكترونية العراقية، نشر في اواخر شهر كانون الاول 2012 ، يقول فيه " كما تعلم تسلمنا الوزارة عام 2006 وكانت ميزانيتها حينها خمسة عشر مليار دينار عراقي، اما اليوم في 2012 ميزانية الوزارة ترليون وستة وسبعين مليون دينار اي نحو مليار دولار امريكي ".
 (مليار دولار امريكي)، رقم مخيف جدا وفيه من سقف الطموحات كثير، ولكن في مقابل هذا يجب ان يطرح سؤال بقوة، " هل نمتلك بنى تحتية توازي الرقم الذي اعلنه الوزير، كتخصيص للوزارة المسؤولة عن البنى التحتية الرياضية في البلد ؟" وجوابنا لهذا السؤال لابد وان نستقصي اجوبته من ارض الواقع وليس من التصريحات التي تثار هنا وهناك وتحاول ان تغطي عن الثغرات الكبيرة في المشاريع التي تعد بمجملها متلكئة وغير منجزة التي تكتب على الورق بين الوزارة والشركات المنفذة.
لو  مررنا بشكل سريع على ما انجزته الوزارة في حقبتين وزاريتين، منذ تسلم الوزير الحالي من مشاريع فأننا سنجد ان تقييم تلك المشاريع يعد (ضعيفا) ويوضع في خانة (الفشل) او (التلكؤ) ولا يتناسب مع ما صرف من اموال لها ، ولو اردنا ان نعرج على امثلة على ذلك فأننا بالطبع سنذهب الى مشروع القاعات العشر في المدينة الشبابية التي (هُلل) له وعدّته الوزارة انجازا كبيرا، فان هذا  المشروع على ارض الواقع لم يخدم اية لعبة من الالعاب على الرغم من ان القيمة الكلية مادياً بلغ (ملياري) دينار عراقي، وبعد فشل هذا المشروع اضطرت الوزارة الى تخصيص تلك القاعات لمدارسها التخصصية فقط مبتعدة عن الغرض الاصلي لإنجازه  والمتمثل بتخصيصه للاتحادات الرياضية مثل ، السلة والطائرة وكرة المنضدة ، وغيرها حسب ما اعلن حينها، وحتى ان خصصت تلك القاعات للمدارس التخصصية فان نواقصها كثيرة ورداءة تصميمها هي من اهم السلبيات منها، غياب ربطها بالمنظومة الوطنية للكهرباء وغياب الخدمات اللوجستية لها، ولو تركنا القاعات العشر وانتقلنا الى الملعب (الطنبوري) في العراق فملعب الشعب الدولي الذي تخضع ملكيته الى الوزارة فانه مثال حي على فشل الوزارة في ادارة المنشات الرياضية، لغياب النظافة والتطوير والتجديد على الرغم من صرف اربعة ملايين دولار على اعماره لكننا نجد علامات الاهمال ظاهرة على جميع منشآته بدءًا من الباب الرئيس وانتهاء بمقاعد الجماهير، اما حكاية قاعة الشعب المغلقة للألعاب الداخلية فان حكايتها تبدو كحكاية (الف ليلة وليلة)، اذ مضى على حملة اعمارها اكثر من اربع سنوات ولا اجد بان هناك اشياء جوهرية في التصميم الاساسي اضيف اليها او ملحقات تم استحداثها!!، اما مسبح الشعب الدولي فالحكاية تتكرر في تأخر عملية الاعمار . 
لو تركنا كل الذي ذكرناه ، فأننا نتساءل عن المدينة الرياضية في البصرة التي كان من المفترض ان تقام عليها خليجي 22 التي نقلت الى مدينة جدة السعودية، فأننا نطرح السؤالين التاليين، هل تم استكمال كل المنشآت الرياضية في المدينة وتم تسلمها من الشركة المنفذة؟، ومن سيدير تلك المنشأة العملاقة بعد تسلمها من الشركة المنفذة .
الجواب على الاسئلة، يبقى محيراً وشائكاً بالنسبة للمتابع العادي، اما نحن كمتابعين للشأن الرياضي بحكم عملنا، فان المشهد واضح جدا ، ألا وهو ، ان وزارة الشباب والرياضة ستتسلم المدينة الرياضية من الشركة المنفذة برغم النواقص الموجودة فيها، اما من سيديرها ، فأظن ان الوزارة لن تستعين بشركات ادارة متخصصة وستسلمها الى مديرية شباب البصرة، وهنا الطامة الكبرى اذا ما علمنا ان المديرية لا تمتلك اي خبرة في ادارة المنشآت الكبيرة !.
بالمجمل العام فإنني ارى الوزارة فشلت تحت قيادة الوزير جاسم محمد جعفر من تحقيق اي انجاز يذكر على الرغم من انها تمتلك الميزانية الانفجارية التي اعترف بها سيادته، ولم تستطع ان ثبت اقدامها في النجاح المرجو منها من خلال النسبة والتناسب بين المال والانجاز.. ولنا عودة.