وعي اللاجدوى... اعذار واهية للعراقيين!!

 

 

 

 

 

 

العراق تايمز ــ كتب عمر محمد جاسم: نشرت هذه الورقة على احدى صفحات الفيسبوك"بغداد" كتب مدير الصفحة عبارة ارفقها مع الصورة" صفر بالمادة،بس بالتحشيش شگد تنطوه ؟؟؟؟؟؟"

ليس مهما ان كانت هذه الورقة حقيقة ام مزيفة، ليس هنا الاشكالية ابدا، بل ان الواقع ربما يكون اسوء بكثير من هذه الورقة.

سأبدأ من عبارة مدير الصفحة اولا، "التحشيش" وهي السمة الغالبة على الوعي العام اليوم، اللامبالاة من الافعال التي لو فكرنا فيها مليا، لما استطعنا ان ننظر لانفسنا لحظة واحدة في المرآة، هذه الاستجابة اللاواعية و اللامبالية بالاشياء، هي سمة غالبة اليوم، اي حدث مهما كانت جسامته، يستطيع الفرد العراق(بعيدا عن التعميم، رغم التعميم هنا ليس تجنيا) ان يعكس حالته من فداحة وجسامة، الى نكتة يضحك من اجلها الجميع، و لو تتبعنا ردود افعال الكثيرين من الذين استجابوا لهذه الورقة، لعرفنا جيدا كيف ان هذا الواقع المحزن جدا والمؤلم و اللامتحمل للمسؤولية تجاه الذات اولا وتجاه الاخر و البلد، انها كارثة بكل المقاييس، يضحكون من اجل فعل ربما تنهار مؤسسات تعليمية كاملة ومنظومتها من اجله، لا احد يفكر في ان كل شيء يبدأ من الفرد، و ليس العكس، فبناء الفرد هو الاساس، وليس المجموع، فالمجموع لا يأتِ الا من تشكل الافراد.

الان لنبدأ مع الورقة، و التي هي كما يظهر فيها امتحان في مادة "التاريخ" اخطر مادة يمكن ان يقرأها المرء.
استهتار الطالب في الاجابة على الاسئلة واضح جدا، وهو يعكس حالة من الانفلات الاخلاقي(لا اقصد هنا الاخلاق المفهومة بالعموم) اقصد المنظومة الاخلاقية التي تشكل الوعي الفردي للمرء تجاه القضايا المصيرية و الحساسة و الراهنة، وتجاه ذاته وامته و بيئته ومنظومة تشكله كفرد.
حالة تعكس بشكل جلي صورة اعداد كبيرة من التلاميذ الذين يمثلون هذا الوعي الاستهتاري بالاحداث الجسيمة، وعدم تحمل المسؤولية، و الانفلات المصيري عن الواقع، هروب نحو مخيال الجنون و التخلف، بحجة الاوضاع الامنية المتسيبة، واسأل هنا ايهما اسوء تعرضا للخراب و التدمير؟ فيتنام؟ اليابان؟ فرنسا؟ ام العراق؟ كل تلك البلدان عدا العراق مرت باسوء مما مر به العراق، لكنها خرجت، خرجت من ازماتها فقط حين آمنت بالفرد وبقدرته على تغيير الواقع حينما يؤمن هو بذاته وبقدراته وبمسوؤليته الفردية تجاه المجموع.
صورة اخرى من صور فشل المنظومة التعليمية و التربوية في العراق، هي استجابة مصحح الورقة(معلم او معلمة) ، حتى وان كانت -اكرر- غير حقيقية، فهي تعكس حالة حقيقية ربما تكون اسوء، كتب/ت المصحح/ة : "لا يوجد اقل من صفر لكي اعطيك"، لكن للاسف لم يفكروا في سبب هذه الحالة ولماذا قد يكتب طالبا هذه التفاهات و التي تعكس حالة من اللاوعي لديه، لم يتساؤلوا في الاسباب، و لم يتدارسوا الحلول، لانهم بشكل عام، يرجعون ان التسيب هذا انما هو حالة لا تؤثر على مجمل المدرسة او المؤسسة التعليمية ككل، و ايضا هو انطلاقا من وعيهم العام، بانه لا جدوى من اي شيء في ظل الاوضاع الراهنة، وهو وعي وتصور عام للمجتمع العراقي اليوم، ثقافة اللاجدوى التي استوطنت الادراك الفردي و الجمعي للعراقيين.
ثم في نهاية المطاف بعد هذه الكارثة التربوية و التعليمية، يتساؤلون : ماهذه الفوضى التي نعيشها؟ والى متى نبقى على هذا الحال؟ من خراب وتشرذم للعراق؟ 
انكم بانفسكم صنعتم هذا الواقع الذي تعيشيونه، لانك ارتضيتم الاستهتار و اللامبالاة في معالجة اخطر القضايا لانكم استصغرتم الاشياء رغم خطورتها وحسامتها.
انما الحل يكمن في كل فرد فيكم، وليس في شيء آخر، متى ما نظرتم الى الذرة على انها اساس كل شيء، حينها ستدركون ان الحل بسيط جدا.