مقتدى الصدر والدرس الأخير...!

 

 

 

 

 

 

تواصلاً مع نهجه الثوري وقناعاته الإيمانية في نقد الدور الأمريكي وماحمله من خراب للعراق جاءت كلمة السيد مقتدى الصدر في إدانة صريحة لزيارة رئيس الوزراء نوري المالكي الى أمريكا .
   إدانة السيد الصدر لأهداف الزيارة ونتائجها ، تأتي متساوقة مع الثوابت الوطنية للصدريين من جهة ، وأعطت درساً بليغاً في الفقه السياسي والدلالات الوطنية للحاكم ، فالسيد مقتدى يقول له بصريح المعنى ووضوح الرؤية ان قوتك لاتستجديها من الخارج بإذلال ، بل تأتي من أبناء وطنك ، ووقوفك على مطالب المتظاهرين ، وحسن الإداء السياسي والإداري ، ومكافحة الفساد والظلم والجريمة .
   هكذا تحدث الصدر والتفت حوله مشاعر الإرتياح والتأييد لملايين العراقيين الذين يرون بعيون مفتوحة وقلوب نظيفة مصلحة الوطن .
  كان واجب السيد الصدر ان يقول رأيه بهذا القدر من الشجاعة والحرص الوطني بلا مواربة أو مجاملة ، وذلك هو الموقف الطبيعي لقائد وطني أزاء حالة تعثر لرئيس حكومته ، وذلك هو ديدن آل الصدر واسلوب الصدريين الذين عرفوا بسلوك لايداهن أو يهادن الباطل والسلطان والفساد .
   لكن المفاجأة جاءت في نوع الرد الهستيري لمكتب رئيس الوزراء نوري المالكي ، والذي عبر عن أزمة خانقة تضاف الى أزمته بالفشل الداخلي وحصاد الخسارة من الموقف الأمريكي الذي شيع زيارته بالتقريع والنقد والتوبيخ .
  كان حرياً بمكتب المالكي ان يتعامل بوعي سياسي أعمق ، ويقرأ في كلمة السيد مقتدى الصدر جانباً من تداعيات هذه الزيارة وردود الأفعال أزاءها وهي في وارد التوقعات ، لكن التصرف الصبياني وثقافة الوشاية ونقص العقل السياسي دفعهم لهذا الرد المنفعل الفاقد لشروط الحكمة ، والباحث عن تصريف الفشل بإستحداث أزمة وطنية أخرى .
  الرد الإنفعالي لمكتب المالكي ، أنطوى على إتهامات مضحكة بحق حينما يذهب الإتهام للصدر وتياره بالتواطؤ مع بعض الدول ضد إرادة الشعب العراقي ...!؟ كان على السيد المالكي ان يرتقي لمستوى صراحة و شجاعة السيد الصدر ويقول لنا كيف (تواطؤا) ومن هي الدول ؟
   ثم هل من الحكمة وروح المنطق السياسي والأخلاق الوطنية ، بصفتكم تمثلون رئاسة الحكومة ان تهددوا بالرد القاسي ..؟ هذا سلوك يمكن ان تلجأ له العصابات لو تعرضت مصالحها للضرر وليس حكومة ولدت بأصوات الصدريين ..!؟؟
 ثم هل ان التهديد بالرد القاسي وليد (حكمتكم) يادولة الرئيس أم هي أوامر أمريكية حملتوها (صوغة) للعراقيين ..؟
مايدعو للاسف والشعور بالبؤس هذا المستوى الهزيل الذي يخرج من مكتب رئيس الوزراء وهو ينقل مستوى الحوار من المصلحة الوطنية وقضايا الشعب ، الى محاولة جعلها قضية شخصيىة فاقدة لأبسط اللياقات الأدبية في التخاطب مع الآخرين ،كما يصفها رد مكتب المالكي للاسف ..!
   ويأتي الدرس الأخير في الفقه السياسي من قبل السيد مقتدى الصدر حينما يدعو أتباعه وجمهوره العريض على تجاوز هذه الإساءة ، لأنه قائد مسؤول أمام الله و الوطن والتاريخ ومصلحة العراق ، ولاينساق لمواقف شخصية أو صراعاتومعارك جانبية كما يريدها المالكي .