في العراق اليوم بشكل عام وفي كوردستان بشكل خاص، ومع استمرار الاوضاع المتأزمة وتفاقم عدم الرضا عن الاداء الحكومي واحزاب السلطة، نجد النشطاء والفاعلين في المعترك السياسي يتحركون في سعي حميم الى هذه الجهة السياسية او تلك ليس بدافع الاصلاح او التغيير بل سعي وراء المصالح الشخصية وتثبيت الامتيازات وزيادتها قدر الامكان. والفيليين الذين دخلوا هذا السباق بخطوات متأخرة تأثروا بسرعة بهذه البيئة واستنسخوا تجارب سابقيهم.
ولاضير من التذكير بأن المنظمات حتى الاحزاب السياسية الفيلية وبسبب خصوصياتنا المعروفة، لازمتهم تلك النظرة التي تشكك بعراقيتهم تارة وبكورديتهم تارة اخرى والسبب قد يكون ببساطة ان هذه الاحزاب والمنظمات انغلقت على نفسها فلا تجد فيها غير الفيليين، في حين اننا نشارك الآخرين في احزابهم وتوجهاتهم فيما الجانب الآخر ليس مهتماً بالمشاركة معنا في حركاتنا السياسية وغيرها، فنحن لم نخسر جنسيتنا واملاكنا واموالنا نتيجة ظلم الحكومات فحسب بل فقدنا اصدقاءنا ومحبينا ورصيدنا لدى الاحزاب والمنظمات وخسرنا ايضا شبابنا الفيلي بعد ان تجرع مرارة اليأس والحرمان بسبب سياسات ومناهج منغلقة وغير منتجة.
اذا نظرنا للموضوع من جانب آخر اكثر تفاؤلاً ومع ظروف العراق غير الطبيعية فوجود عدد من المنظمات والكيانات السياسية والاجتماعية والثقافية والرياضية الفيلية بالرغم من ضعف الامكانيات والبرامج وتدني المستوى عن الطموح وعدم الانسجام بين هذه الجهات ما ادى الى ضعف التأثير سياسيا، إلا ان هذه التجمعات تعد انجازاً لايمكن لأحد اغفاله.
ان الاهمال والتهميش والاقصاء من جانب الاحزاب السياسية الرئيسة لشريحة مهمة مثل الكورد الفيليين كانت من اهم الاسباب التي دعت الى تشكيل هذه المنظمات والتجمعات والاحزاب السياسية الفيلية، اذ لم يعر الآخرون اهمية الى ايديولوجية الفيليين واكتفى الجميع من اقصى اليمين الى اقصى اليسار بتأكيد مظلوميتنا فحسب. الاحزاب السياسية ذات الطابع العربي ليسوا بعيدين عن نظرة صهر الفيليين وحتى صدام حسين صاحب ملفات الابادة الجماعية حاول أن يمحو وجود الفيليين وعلى الرغم انه كان يحاول انكار عراقيتنا واتخاذها ذريعة لاستهدافنا إلا انه لم ينكر كوننا كورداً ، لذا كان يعاقبنا مع الكورد ومع الشيعة ايضاً. اذن ليس من المستغرب عدم تمكن من تعرض للتسفير والتهجير من ايجاد الصيغة المناسبة للانخراط بالعملية السياسية بشكل صحيح وطبيعي ومؤثر.
نحن في بغداد والآخرون في الخارج او المهجر نقوم بين الحين والاخر بنشاطات ارى انها ضرورية بل واجبة ، ولكن السؤال هل هي مؤثرة سياسياً وما مدى انعكاسها على الاوساط الاعلامية؟ ، واقعياً حتى لو غدرت بنا الاحصائيات في مدينة مثل بغداد يقطنها اكثر من سبعة ملايين نسمة في بلد تجاوز سكانه 30 مليون نسمة ، اذ بوجود مئات الالاف من الكورد الفيليين كان بالامكان ان نسير بخطوات واثقة الى الامام لو توفرت الرغبة الحقيقية في انتهاج سياسة واقعية ومرونة في التعامل بدل التمرد والعصيان والمشاركة السلبية.
لقد اخترت مع مجموعة من الزملاء بعد عام 2003 العمل الاعلامي ضمن مسار القضية الفيلية وعملنا بجهد حثيث دون انقطاع، وقد عمل كثيرون معنا وللاسف تبين ان غالبيتهم يبحثون عن العمل كوظيفة فقط ولم يكونوا اصحاب قضية. بالنتيجة كنا نعاني نقص الكوادر الفاعلة او بمستوى الطموح، بالمقابل عملنا مع اخوة اعزاء صادقين حريصين على قضيتنا، مع العلم انهم لم يكونوا من شريحتنا.
نحن لسنا نادمين على ما قدمنا ولم نصل بعد إلى مرحلة تجعلنا نتوقف عن نشاطاتنا وعملنا. اما المرحلة السياسية القادمة حيث انتخابات مجلس النواب ومع الكوتا او من دونها تمثل للفيليين الباحثين عن احياء انفسهم مسألة مصيرية، فأذا كانت المشاركة فعالة وواسعة والنتائج ايجابية فسوف يتغير تعامل الاخرين معنا بشكل ايجابي وستجد معضلاتنا طريقها الى الحل بسهولة اكثر في سبيل استعادة الحقوق وعدم تكرار المظالم.
لذا فأن السعي الى تثبيت موقع مؤثر للفيليين يليق بمكانتهم في المجتمع هو الضامن الوحيد كي تكون شراكتنا مع شرائح المجتمع الاخرى ذات طابع متكافيء.
|