للتاريخ وجه اخر!

 

 

 

 

 

 

كعادتي في نكش كتب التاريخ وفي صدمة جديدة قرأت حادثة تاريخية جعلتني أعيد حساباتي في هذا التاريخ وشخوصه التي لازلنا ننسج عليها الحاضر ... هي موجودة بقوة في اللاوعي لدينا ... جيء بأسرى من قادة البيزنطيين في خلافة سليمان بن عبدالملك فجمعهم سليمان ومعه حاشيته ومن ضمنهم ابرز شعراء تلك الفترة جرير والفرزدق فسلم الخليفة كل واحد من الأسرى لرجل من حاشيته ليتولى قتله ... أهوى جرير بسيفه على رأس أسيره فقطعه بضربة واحدة ... أما الفرزدق ضربه ضربة خفيفة لم تؤثر فيه والحقها بأخرى لم تؤثر فيه أيضاً شمت به جرير وهنا رد الفرزدق ببيت شعر 

ولا نقتل الأسرى ولكن نفكهم ... 

تأثر الخليفة سليمان بموقف الفرزدق وأطلق الأسير فخرج الشاعر متابطا أسيره ليمثل بهذا الموقف تقاليد قبيلة بني تميم التي تتعفف عن قتل الأسرى ... 

هذا الحدث لا ينظر له بصورة منفردة بل نستنتج من خلاله نمط إجتماعي سياسي سائد في تلك المرحلة ... أولا مخالفة الخليفة لأحكام الشريعة الإسلامية التي حرمت قتل الأسرى وثانياً الشاعر الذي كان شعره يوصف بأنه يترقرق بغزارة جبل الريان المترع بالطيب والندى يهوي على رأس أسيره ليقطعه في ضربة واحدة ... كيف ذلك ؟؟ وما هذه الشخصية المزدوجة المخيفة ؟؟؟ ومن أين أتى هذا الشاعر بتلك الحساسية التي نقرأها كابيات غاية في الروعة ..؟؟ أما ثالثا والأهم ... هؤلاء القادة الذين تسلى رجالات تاريخنا بقطع رؤوسهم ألا ينتمون لأمة قد تكون تذكر هذا الحدث وتسطره كتب تاريخها كنقطة سوداء على أمتنا ؟؟؟ الموضوع له أكثر من جانب دون أن أطيل أكثر أقول للتاريخ وجه آخر من المؤكد أن تدفع ثمنه الأمم واجيالها ... لذا علينا أن نجتث جذور ونغرس أخرى.