عاشوراء.. دعوة لإصلاح الأمة |
أطلّت علينا مرّة أُخرى ذكرى عاشوراء ... تستدر الدموع من الأعماق، وتعتصر القلوب حزنا على المقتول بكربلاء ... وتبعث في النفوس هوى عارماً لشخص الحسين (عليه السلام)، ولنهضة الحسين (عليه السلام)، ولإنسانية الحسين (عليه السلام). درب عبّده الإباء وزيّنه النصر، وأنارته إشراقة اليقين بلقاء الله، وطريق لا أوضح منه ولا أجلى، وقفت فيه الثُلَّة المؤمنة على قلّة العدد وخذلان الناصر، يتقدّمهم سيد الإباء ورائد الفداء; ليجسّد قوله تعالى: (كَمْ مِنْ فِئَة قَلِيلَة غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللهِ). وإنسانية ينتسب إليها كلَّ شريف... وكلّ من تمثّل روح الحسين وأخلاقهُ سلوكاً يطفح بالإيثار وإنكار الذات. إنّها إنسانية الحسين، تطرد عن ساحتها لقلقة الألسنة المنافقة، تطرد كلّ من لا يرى سوى ذاته الضيّقة المحدودة. لقد رأى الحسين دينا لا يستقيم إلاّ ببذل دمه الطاهر، وأُمّة أشدّ ما تكون احتياجاً للإصلاح... الإصلاح الشامل في الأمة ، وليس تحقيق أية مصالح شخصية ، أو السعي من اجل استلام السلطة .. الإصلاح المشتمل على العقيدة المحمدية ، وإصلاح الأخلاق والسلوك، وإصلاح الثقافة والفكر والمعرفة، وإصلاح السياسة، وإصلاح الاقتصاد ، وإصلاح المجتمع، وإصلاح الإعلام وترسيخ العدالة الاجتماعية، والتوزيع العادل للثروة، وتكافؤ الفرص، والموازنة بين الحقوق والواجبات، فالإصلاح لا يمكن تحقيقه بالأماني والأحلام، وإنما يحتاج إلى إرادة وعزيمة، وعمل دائم ، ونشاط مستمر، واستعداد للتضحية بمختلف أشكالها وأولها نكران الذات وسحق الأنانية .. وفي هذا العصر حيث كثر الحديث عن الإصلاح ، يحتاج الإنسان إلى استخدام العقل من أجل التمييز بين الإصلاح الحقيقي الذي من أجله ثار الإمام الحسين ضد الواقع الفاسد، والإفساد الذي يُعنون بالإصلاح وقد أشار الله عز وجل إلى مثل هؤلاء بقوله عز من قائل ( وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ . أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لا يَشْعُرُونَ ) اليوم في مجتمعنا الحاضر ماأحوجنا الى مراجعة النفس وتشذيب الذات والعودة الى الصواب في أصل تعاملاتنا على كافة الصعد .. لنتقرب حقاً الى نهضة الاصلاح التي نادى بها ابا الاحرار وبذل في سبيلها حياته .. ولاتكن مناسبة عابرة .. السلام عليك يا أبا عبد الله... السلام عليك يابن رسول الله... السلام عليك وعلى الأرواح التي حلّت بفائك وأناخت برحلك... عليك منّي سلام الله أبداً ما بقيت وبقي اللّيل والنهار".. |