ظواهر مدانة في الجهاز الاداري |
القرأن الكريم لم يغفل أي شاردة او واردة الا وذكرها في كتاب الله الحكيم لعل الناس يتذكرون في زخم الحياة المتشعبة في كافة نواحيها بعضاَ من الايات الواردة في الذكر الحكيم وحينما نتذكر الاية التي تقول واكثرهم للحق كارهون , نتعصب ولانقبل عندما يلحقنا اذى او نقد صريح يتطابق مع افعالنا بل العكس نتهجم ونرد بعنف على ان منهاجنا صحيحا ولايؤذي احدا ولانعترف بالخطيئة, خوفا ان نضعف او يتهمنا البعض بالتقصير المتعمد , وبهذا نهتم لرأي ونظرة الناس ولا نخشى الله وعقوبته في يوم الحساب, ومع ذلك فان التقصير يبدو اليوم بشكل علني في جميع الدوائر الحكومية حتى اصبحت تلك الظواهر السلبية تاخذ منعطفا خطيرا ولايرتقي الى مستوى الامانة والمسؤولية والواجب المكلف به الموظف مقابل التحسن الملموس في الاجر الشهري والارتفاع الحاصل بمستوى الرواتب الذي انعكس على المستوى المعيشي لاغلب موظفي الدولة , وما نشاهده اليوم من الظواهر المدانة في الجهاز الاداري للموظفين في جميع مفاصل الدولة , يبدأ من المسؤول وينتهي بالموظف الصغير, اغلب المسؤولين في الدوائر لم يصلوا لهذا المنصب بالكفاءة والتدرج الوظيفي واغلبهم ارتقى عن طريق الاحزاب والمحسوبية فتنقصه الخبرة والممارسة وروح المتابعة وفي ظل محيط عمله تسود الفوضى وتعم الرشوة ,وبذلك يكون المراجع ضحية لقدر وواقع تفاجىء به ,علاوة على ذلك ان اكثر الموظفين اليوم في الدوائر لاتعرف ساعات تواجدهم ووقت انتهاء دوامهم والحجة التي يتشبث بها كل من يتأخر عن الدوام عدة ساعات او تغيب يوما كاملا لايحتاج الى خلق عذر يحمي به نفسه وبمجرد ان يلقي اللوم على الوضع الامني وقطع الطرقات ايده الجميع , في الوقت الذي يصل المراجع من مناطق بعيدة قبل الموظف الى الدائرة لانجاز معاملته , مع وجود الروتين القاتل والتعليمات المملة التي لاتصب في مصلحة المراجعين , والمواطن المكلف بانهاء معاملة في اي دائرة عليه ان يخصص يوما كاملا للمراجعة والانتظار وان يحمل كل مستمسكاته الثبوتية ,بعض الدوائر تطلب من المراجع ان يصور من المكتبة الورقة الخاصة بالمخاطبات الرسمية وهي عبارة عن ورقة مطبوعة فيها اسم وشعار الدائرة المعنية والعدد والتاريخ لنفاذها من الشعبة ليتم انجاز المعاملة والاجابة عليها وهذا ما رأيته في ناحية المأمون الكائنة في منطقة الحارثية , اما من ناحية الالتزام بوقت انتهاء الدوام فاكثر موظفي الدولة يغادر قبل ساعة من انتهاء الدوام يجلس في السيارات التابعة للخطوط لينتظر باقي الموظفين , او يترك الدائرة حسب اتفاق مسبق بين موظفين في غرفة واحدة للتناوب يوميا دون علم احد , كما يجري اليوم في المستشفيات أن بعضا من الاطباء تجدهم متواجدين الساعة التاسعة صباحا ويغيب عن نظر المرضى الى الساعة الواحدة ظهرا بحجة ذهابه الى صالة العمليات , صحيح قد ذهب لصالة العمليات ولكن خارج عمله الرسمي لاجراء عمليات في المستشفيات الاهلية ويعود قبل انتهاء الدوام بالاتفاق والتحايل على القانون , وهذه الحالات متكررة في جميع مستشفيات العراق ,ناهيك عن بعض السلبيات في مفاصل المؤسسات الحكومية قبل بداية الدوام وكل يوم يبدأ الاكل وشرب الشاي لساعة او اكثر مع ترك الموظف مكان عمله لجهة مجهولة وحينما يعود يرى طابور من المراجعين ينتظرونه بشوق , ولا استثني التعليم الذي بدأ يتضاءل ويتلاشى يوما بعد يوم لسبب ان التعمير والبناء يباشر به مع بداية السنة الدراسية والقرارات المجحفة والنجاح المجاني الذي ابداه الوقفين السني والشيعي للمرحلتين المتوسطة والاعداية ينذر بكارثة علمية ستعصف بالبلد في المستقبل كون الذين حصلوا على الشهادات غير مؤهلين للعلم واكثرهم من الذين فشلوا لسنين عديدة , والمدارس الاهلية التي بدأت تظهر نوايها في الحصول على المال قبل العلم وهي بعيدة عن تنشئة جيل علمي يضع بصماته في بناء العراق , والأغرب من ذلك فأن الجميع في دوائر الدولة يطالبون بزيادة الرواتب وتحسين احوالهم المعاشية ويتحدثون كل يوم في هذه الامور في الوقت الذي نرى انهم لايؤدون جزءا صغيرا من المسؤولية في الوقت الذي نرى ان كل دول العالم التي تجعل ايام الدوام في بلدانهم خمسة ايام تكون ساعات العمل بها من الساعة الثامنة صباحا حتى الساعة الرابعة عصرا تعويضا ليوم واحد وانجازا لمعاملات المواطنين وعدم تراكم الخدمات وضياع حقوق الشعب , اما في بلدنا العراق يبدأ الدوام من الساعة التاسعة الى الساعة الواحدة والنصف حيث تخلوا الدوائر بعد هذا الوقت من اي موظف وتؤجل المعاملة الى اليوم التالي طبعا هذا لايشمل المخلصين والطيبين في معظم مفاصل الدولة بل العكس نرى ان جوانبا خيرٌه ومبادرات تظهر من الموظفين الملتزمين اخلاقيا كون الاجر الذي يدفع لهم ضمن العلاقة التعاقدية مع الدولة يجب ان يطبق شرعا (عمل مقابل اجر) , واتمنى من رجال الدين وهم ينشدون المواعظ والعبر من على المنابر الحسينية ان يخصصوا جزءا من وقتهم لتوضيح الظواهر المدانة في معظم مؤسسات الدولة ومعالجتها ضمن اطار الدين والشرع ليعلوا الصرح ويعم الخير وتنحسر دائرة الفساد .
|