كُل شئ على مايرام |
" من الأحاديث الشّيقة الكثيرة التي سمَعْتُها من المُرّبي الفاضل ، الراحل " خالد اليوسفي " .. انه خلال سنة 1974 ، وفي خضم الحرب الدائرة ، بين الحركة الكردية ، والنظام العراقي ، بعد فشل تطبيق بنود إتفاقية آذار .. كان هنالك مقرٌ خلفي ، يضُم بعض كوادر الحزب الديمقراطي الكردستاني ، من معلمين وخريجي كليات .. كان المقر بسيطاً ، يتلائم مع الإمكانيات المتواضعة المتوفرة آنذاك .. لكنه على أية حال .. يُوّفِر المنام والأكل والماء والراديو ، للمُقيمين فيهِ والضيوف الذين يمَرون بين الحين والحين . كان من بين النزلاء ، الأستاذ الراحل " عبدالله أفندي " .. المُعّلم المعروف عنه ، الرحمة والإنسانية وطيب القلب والمعشَر .. وكان " حمه " يقوم بخدمة الأساتذة . وبعد مرور ثلاثة أشهُر على بداية الحرب .. وعندما كان العَم " حمه " يُقّدِم الشاي للجماعة .. قال الأستاذ عبدالله أفندي لزملاءه ، بعد ان إستمعَ الى أخبار إذاعة الثورة الكردية وإذاعة لندن : .. الحمدُ لله ان الثورة ، تسير بِخُطى جيدة الى الأمام ، وكل شئ على مايرام . فتدخّلَ العم حمه من فورهِ ، قائلاً بِسُخرية : ... طبعاً كل شئ على مايرام .. فأنتم تنامون في فراشٍ دافئ ، وهنالك في الخارج أربعة حُراس لحماية المقر في البرد القارس ..ثم تنهضون فتجدون العَم حمه مُحّضرا لكم الفطور .. فتتبادلون الأحاديث والمناقشات .. ثم يحين موعد الغداء الذي يجلبه لكم حمه .. هه هه .. أكيد ان كل شئ على مايرام .. تستمعون الى الراديو وتكتبون أشياء في أوراقكم .. وتشربون الشاي .. وتتبادلون الأحاديث .. ثم تتعشون .. وهكذا .. طبعاً ان الثورة تسير الى أمام ، فمالذي ينقصكم .. كل شئ على مايرام بالنسبة لكم .. لكن البيشمركة في جبهات القتال ، والقرى التي تتعرض لقصف الطائرات والناس الفقراء الذين لايملكون شروى نقير .. بالنسبة لهؤلاء .. فأنه ليس هنالك شئٌ على ما يرام !! " . الأستاذ عبدالله أفندي والآخرون ، تقّبلوا هذا النقد اللاذع برحابة صدر ، لمعرفتهم بطبيعة العم حمه البريئة والصريحة ، وأيضاً لأن في كلامهِ الشئ الكثير من الصدق ! . |