عن مملكة طويل العمر ابو متعب |
لو ان بريطانيا تحدث لي عن خلل الديموقراطية في ايران لتابعت الحديث الى نهايته منصتا خاشعا ، فهو آت من دولة تحكمها ملكية عريقة لا تمتلك الملكة فيها حتى حق التصرف بحمالة صدرها بعيدا عن الدستور . ولو جلدني الماني بمحاضرة عن العدل الاجتماعي لطأطأت رأسي اصغاء له فحسبه ان رئيس بلاده - وهي قوة عظمى - استُقيل قبل عامين من منصبه لانه حصل على قرض بفوائد استثنائية لبناء بيته . ما يعني ان الرئيس الالماني لا يملك لنفسه بيتا . ولو ان حسناء فرنسية ذات دلال وغنج القت علي خطبة عصماء بالحريات الدينية لتابعت حركة شفتيها الى اخر حرف، لما لبلدها من تراث مشرف في هذا المجال . ولو ان يابانيا افرغ في جمجمتي خطابا تاريخيا عن اهمية تساوي الفرص لما اغفلت كلمة من خطابه التاريخي كونه قادما من بلد يبحث عن الابداع والمبدعين في اي مخلوق حى لو كان جدنا سىء الذكر نياندرتال (رضي الله عنه وارضاه) . اما ان تخصص مملكة آل سعود جزءا كبيرا من اعلامها الموجه في البكاء على غياب الديموقراطية والعدل الاجتماعي والحريات الدينية والمساواة في محيطها الاقليمي ، فانما تذكرني بالعاهر التي تحاضر بالعفة والشرف . امبراطورية الاعلام السعودي التي تقف اليوم على اربع ركائز رصينة هي الدولار والدولار والدولار والدولار لم تجد نفسها محرجة في تسويق بضاعتها كاليوم . داخلٌ منخور كبيت العنكبوت يهدد بالتفكك في كل آن بسبب التعسف و غياب العدالة الاجتماعية واحتكار السلطات ، وخارجٌ اصبحت فيه شعوب المنطقة تربط اي كارثة تحل فيها باصابع مخابرات المملكة الاخطبوطية . ولو ان المخابرات تكفل ديمومة دولة لكان حكم صدام التكريتي مخلدا كالماء والهواء . فقد اشترى في الثمانينيات وجزء من التسعينيات ضمائر كل من سال لعابه برؤية الدينار العراقي القوي انذاك . فنط امير اسكندر هنا ونزا وليد ابو ظهر هناك و بزغت شمس احمد الجار الله في المحافظة التاسعة عشرة ، وامثال قوادي الكلمة هؤلاء بالعشرات . المملكة اليوم احرى بالسؤال الذي طرحه الاميركان على انفسهم بعد الحادي عشر من سبتمبر ٢٠٠١ "لماذا يكرهوننا " . فهذا الكيان الاسري الذي احكم قبضته على اشرف بقعة لدى مليار ونصف المليار مسلم يعيش عزلة اقليمية باتت تستفحل يوما بعد يوم ، وهي ازمة تضاف الى صراع الاجنحة والافراد الدائر داخل العائلة الحاكمة منذ اعتلال صحة ابي متعب بشكل جدي قبل ثلاث سنوات . والمثير للشفقة ان الكثير من المتصارعين في الحلبة هم ليسوا افضل حالا من الملك سواء من حيث التقادم في العمر او الحالة الصحية ، و هم يذكرونني بالصورة العالمية التي يظهر فيها طفل افريقي وقد اعياه الجوع والعطش وكان النسر اللئيم خلفه ينتظر انهياره التام ليجعل منه وليمة العمر . ولا اكشف سرا لو قلت ان الملك عبد الله لم يعد يملك من امرة بلاده شيئا ، فكل عضو في جسده اصبح يوجه كالتلفاز بالريموت و التكنلوجيا الحديثة بما في ذلك السمع والبصر والفؤاد . وقد كتبت صحيفة اميركية رصينة قبل عام - وكان احسن حالا منه اليوم - انه بات يوقع على قرارات لا يدري اهي تخص اقتصاد البلد ام تعيين حارس في مسجد بالدمام . وحال وزير خارجيته الذي يعاني من حزمة امراض - شافاه الله وعافاه منها - ايسرها مرض الباركنسون الذي تخفف من وطأته العلاجات الاميركية التي تسافر اليه بالطائرات من دون انقطاع . وقس على ذلك جيل الدايناصورات الذي يوشك ان ينقرض وهو يحكم عشرة ملايين شخص لا يملكون لانفسهم ضرا ولا نفعا . المملكة اليوم تشعر انها تفقد تدريجيا رصيدها الخارجي . فخططها التي راهنت عليها في زعزعة الوضع داخل العدو اللدود ايران كلها باءت بالفشل ولا يخفى على احد الارصدة التي خصصتها مخابرات بندر لتحقيق هذا الغرض ، خاصة في محافظة سيستان وبلوشستان . كما ان النزيف الطائفي الذي اسالته وتسيله في العراق للقضاء على حكم الاكثرية سواء من خلال عملائها في الداخل او تجنيد الانتحاريين لم يجد نفعا منذ نحو عقد . العلاقات مع قطر العظمى سيئة وتزداد سوءا . الرصيد في مصر لم يعد يعول عليه في شيء . ما يقال في مصر ينطبق الحافر على الحافر في جارتها تونس . العلاقات مع تركيا اردوغان تنحدر الى واد سحيق دون افق للتحسن . وضعها في سورية باتت لا تحسد عليه . سيطرتها على سياسات مجلس التعاون الخليجي باعتبارها الاخت الكبرى ، اصبحت من الماضي اثر سطوع نجم العواصم المجهرية . اليمنيون شعبا وحكومة مستعدون لتسليم مقاليد امورهم بيد ملك الموت لكنهم ليسوا مستعدين لفعل ذلك مع الرياض . حكومة المنامة هي الوحيدة التي تظهر الولاء المطلق والدوافع واضحة لذي عينين . فعن اي نجاح يتحدث جهاد الخازن و طارق الحميد وعبد الرحمن الراشد والحسناء العراقية الفاتنة سهير القيسي كثر الله من امثالها بما يتناسب وعدد المجاهدين . |