رسالة إلى مراجع الدين

 

لا أدري إن كنتم ستقرأون هذه الرسالة أيها الرجال المحترمون ولا أدري إن كان أحد مساعديكم سيخبركم بشأنها، لكنني مع هذا كتبتها كما يكتب تائه وسط البحار رسالة ويضعها في قنينة على أمل أن يلتقطها أحدٌ عن طريق المصادفة. سأقول أولا أنني أحبّكم وأحترم مواقفكم بعد سقوط النظام السابق خصوصا تخفيفكم الاحتقان السنّيّ الشيعيّ وإصراركم على أن يكتب العراقيون دستورهم بأيديهم لا عبر لجنة معينة. نعم، الكثيرون يشعرون بامتنان لما قمتم به من تهدئة طوال سنوات الموت، فقد وقفتم حائلا دون وقوع دمٍ مضاف. لكن يا سادتي ، ثمة أقاويل بدأت تنتشر وأودّ أن أهمس بها عبر هذه الرسالة ، أقاويل تمسّكم في الصميم وتمس دوركم في حياة المجتمع وهو دورٌ مشهود طوال التاريخ حيث دافعتم عن المظلومين وقدتم الثورات وأقربها للذاكرة ما جرى أيام صدام .

نعم، هناك من يقول أنكم مسؤولون عن فشل الحكومات المتعاقبة وأنكم تغضون النظر عنها وتقرونها على أعمالها، وإنكم تسطيعون نزع الشرعية عنها بكلمة واحدة لو شئتم، ولكنكم لا تفعلون ذلك لأسباب نجهلها، مكتفين بانتقاد الأوضاع من على المنابر أحيانا من دون أن تزلزلوا الأرض تحت الأقدام، أعني أقدام الطبقة السياسية الفاشلة التي تحكمنا. تعرفون جيدا سادتي أن شعبنا متديّنٌ بالفطرة وغالبية الناس تنتظر أوامركم في كلِّ شأن ، وبما أنكم ساكتون عن المظالم التي ترتكب والفساد الذي يستشري فإن لا شيء سيحدث على أرض الواقع .

لا الناس تنتفض ولا الحكومات تغير سيرتها. أنتم الوحيدون الذين تقدرون على إخراج الملايين بإشارة من أصابعكم ، إذ ، كما تعرفون يا سادتي المراجع ، نحن شعب بائس وليس لدينا حركات سياسية حقيقية ولا طبقة وسطى قوية ومتجذرة ، كذلك نحن لا نملك جيشا مهنيا ولا مؤسسات راسخة أو نقابات تستطيع قيادة المجتمع لأي تغيير. كلُّ ما لدينا هم زعماء طبيعيون حازوا قداستهم إمّا من الدين أو من النظام العشائري ، هؤلاء فقط بمقدورهم إحداث التغيير إذا شاءوا. فلماذا لا تبادرون ؟ لماذا هذا السكوت المريب ؟

 إننا ندعوكم، وبروح مخلصة، أن تدلوا بدلوكم لاسيما أن الانتخابات على الأبواب ودوركم فيها سيكون حاسما فيما لو قررتم ذلك. نعم أيها المراجع المحترمون، نرجوكم أن ترفعوا أيديكم عن الطبقة السياسية الحالية، لا تقووهم بالسكوت عنهم والذي يفهم على إنه إقرار بوجودوهم. نحن لا ندعوكم بالتدخل المباشر ولكننا نتمنى منكم أن تضعوا حدا لاستغلال سكوتكم والحديث باسمكم . الكثيرون يتوقعون أن مثل هذه المحاولات قد تبدأ من الآن. هذه رسالتي لكم فعسى أن تصل في فوضى العراق.