في حديث عابر مع احد اعضاء مجلس النواب العراقي، طرحت عليه التساؤل التالي:
كم يبلغ معدل عدد النواب الذين يحضرون جلسات البرلمان.. او بعبارة اخرى .. كم يبلغ معدل عدد النواب المتغيبين؟
هز السيد النائب رأسه، واطلق حسرة طويلة، علما انه من الذين يحرصون على الحضور بصورة دائمة، وقال "للاسف في افضل الاحوال وهي قليلة جدا، يصل عدد النواب الحاضرين الى 225 نائبا، اي ان عدد المتغيبين يكون في الحد الادنى مائة نائب"!.
ولم يكتف السيد النائب بهذا التوضيح، بل اكد "ان هناك نوابا لم يحضروا تحت قبة البرلمان سوى مرة واحدة ، الا وهي جلسة البرلمان الاولى، وبعضهم يقيمون في خارج العراق اكثر مما يتواجدون في داخله، وبعضهم يتواجدون في كافيتريا المجلس اكثر من تواجدهم في قاعة الجلسات"!.
هنا قاطعت السيد النائب الذي بدا انه راغب في الاستمرار بالحديث، وبادرته بتساؤل اخر "هل يمكننا القول ان العدد الحقيقي لاعضاء برلمانننا الموقر هو 225 وليس 325 نائبا؟".
قال "بل هو اقل من 225"!!.
وبعملية حسابية بسيطة وسريعة، وبعيدا عن الاستغراق في التشاؤم، واذا افترضنا انه في كل جلسة يتغيب مائة نائب لا اكثر، واذا افترضنا ان كل نائب يستنزف من المال العام شهريا (راتب ومخصصات ورواتب افراد الحماية وغيرها) عشرون مليون دينار عراقي، يتضح لنا ان مائة نائب يستنزفون ملياري دينار شهريا، من دون ان يقوموا بأي عمل مفيد ونافع للذين انتخبوهم، ولمن يمثلونهم (علما ان كل نائب يمثل مائة الف مواطن).
وبعض هؤلاء يقيمون في بيروت او عمان او لندن او اسطنبول او اربيل اكثر بكثير مما يقيمون في بغداد او اية محافظة عراقية اخرى.
اي منطق يبرر استحواذ اشخاص يشغلون مواقع تمثيلية على اموال طائلة من ميزانية دولة وهم اذا كانوا يفعلون شيئا فأنما يفعلونه لانفسهم ليس الا.
ويزداد الامر مأساوية حينما يصار الى زيادة عدد مقاعد البرلمان، بصرف النظر عما اذا كانت الزيادة مقعدا واحدا او اثنين او عشرة، لان ذلك يعني زيادة اعداد المتغيبين، وزيادة ارقام الاموال المهدورة بلا طائل.
الصحيح هو تقليص عدد مقاعد البرلمان لا زيادتها من اجل ارضاء هذا الكيان او ذاك.
وقصة المساومات والترضيات الاخيرة من قبل البرلمان لم تكن-ولن تكون-الاخيرة، وعلينا ان ننتظر مساومات وترضيات مماثلة، وربما اكبر، بعد عدة اشهر عند تشكيل الحكومة الجديدة بعد الانتخابات، وربما نشهد استحداث وزارات جديدة حتى لايزعل فلان ولايقاطع علان!.