آن الاوان للخطاب الحسيني ان يتغيّر |
كنت طفلة عندما كانت تصطحبني امي وجدتي رحمها الله لمدينة الكاظمية القريبة منا واحيانا الى كربلاء او النجف لنحضر العزاء الحسيني الجميل والتشابيه الرائعة بكل تفاصيلها وتطور احداثها يوما بيوم وصولا الى يوم الطف او المعركة الفاصلة وهي قمة الدراما الشعبية الدينية الخالدة . كنت انظر الى الخيول المسوّمة والتي اُلبست اجمل حللها وزينتها ومنظر الذين يمثلون دور العباس او القاسم او الحسين او بنات الحسين او اولاد مسلم عليهم السلام جميعا واستغرق النطر في جمال اشكالهم ووجوههم الرائعة ووجوههم التي تشبه الملائكة فقد تم اختيارهم بعناية ليكونوا جديرين بتجسيد شخصيات البيت النبوي الشريف , كما كنت مبهورة بملابسهم الخضراء الزاهية والمذهبة والمفضضة .. وبين الحين والاخر وبعد مواكب الرادود الحسيني وقراءته يظهر موكب العباس او الحسين عليه السلام وخلفه المقاتلين والخيول البديعة والملابس الآسرة.. وكنت اتصور ان كل ذلك حقيقة حتى اني كنت اخاف عندما يقبل الشمر وهو يرتدي الاحمر ويتبعه قرع طبول مدوية وبيده سيوف وسكاكين ورماح وجيشه مدجج بالاسلحة ليواجة ثلة قليلة من المؤمنين على رأسهم ابو عبد الله الحسين وجماعته الذين واجهوا الباطل بثبات قل نظيره رغم معرفتهم انهم انما قلّة يواجهون جيشا بكامل عدته وعديده وانهم مقتولون لامحالة الا انهم أبوا الا التصدي والوقوف بوجه الانحراف وتشويه الرسالة وهنا تكمن عظمة الثورة الحسينية وكل مغزاها وقوتها .. فهم ورغم كل المغريات التي عرضت عليهم واصلوا الرفض وتمسكوا بالمبادئ على الرغم من عدم تكافؤ القوتين وتفوق الاخر عدة وسلاحا وعددا كل هذه التشابيه لاتثريب عليها .. فهي تمثل ملحمة دينية وشعبيه لطائفة كبيرة من المسلمين كما انها نقطة تحول وحركة تصحيح كبيرة لمسيرة الرسالة المحمدية والتي حاول البعض حرفها عن مبادئها واقول للذين يعيبون على الشيعة تجسيد الموقعة تشبيها وتمثيلا .. باني رايت في بريطانيا من يقوم بتمثيل معارك حصلت في القرون الوسطى ويلبس المشخصون كامل العدة الحربية ويتنكبون الرماح والسيوف ويعملون الكمائن ويتخذون المواقع خلف التلال وتجري المعركة كما حصلت في السابق بالضبط والنساء تطبخ وتطعم الجند واناس يخلون الجرحى وشاهدت في امريكا من يمثل واقعة صلب السيد المسيح وياتون بمن يمثله واناس ياتون يحملون الصليب وياخذون الجثة ويخفونها ويبكون ويطوفون المدينة ويذهبون الى التل ليقيموا مراسم عزائهم بل وحتى الضرب بالزنجيل واللطم , ورايت مثل هذه المظاهر الكثير في امريكا الجنوبية بل وحتى الذين يحتفلون بتنين في الصين وتايلاند وغيرها ويجسدون الامر وطوفون الشوارع فرحا وابتهاجا ,, لم اجد هنالك من ينتقدهم او يوجه اللوم لهم فلماذا النقد موجه للشيعة فقط ...؟؟!! ولكن .. هل الخطاب الحسيني كله صحيح .. هل نقلنا صورة واضحة عن معاني واهداف هذه الثورة العظيمة .. اظن اننا بحاجة الى اعادة النظر ببعض الممارسات التي تسيء الى التشيع وتشوهه كما ان هنالك اشياء يجب مراجعتها لانها ليست صحيحة مثلا مايقرأه الرواديد من مخاطبات بين الامام الحسين والعقيلة زينب عليهما السلام على شكل نعاوي وبكائيات تصورهما وكانهما باكيان نائحان خائفان وخصوصا على لسان ابي الاحرار فهل يعقل انه ينعي ويبكي وهو يخاطب اخته .. والعكس هو الصحيح فقد كان الامام مثالا للثبات والصبر والتمسك بالحق .. وكانت السيدة زينب عليها السلام مثال للجلد والقوة وهي اول اعلامية حقيقية في تاريخ العرب اذ نقلت المأساة وتكلمت في حضرة الظالمين ودافعت وتصدت وردت الحجة بالحجة ,, وعليه فان اظهارهما بمظهر الشاكي والناعي لايليق بهما اما الامام مسلم بن عقيل .. فايضا يجب اعادة النظر فيما ينقلوه عنه .. وهو سفير الامام الحسين وسنده ومن اعتمد عليه فلا يجوز ابدا اظهاره بمظر المتردد والخائف والباكي والدائر محتارا في طرقات الكوفة وهو الذي لديه من الانصار فيها مايغنيه كما يجب التركيز على ان اهل العراق والشيعة بالذات لم يخونوا الامام الحسين ولم يتخلوا عنه وانما دعوه وهم صادقين ومخلصين ولكن وصول خبر ذلك الى ابن زياد ويزيد جعلهم يستعدون للامر كما يحصل في كل الانظمة القمعية فجاء جيش يزيد مستعدا للامر ومنعوا انصار الحسين من الخروج او الاتصال به او مناصرتخ وحاصروه وان مايشاع من ان الشيعة خذلوه غير صحيح .. ورغم كل ذلك فقد خرج معه من خرج وناصروه ,, ورغم انهم عرضوا عليه الدنيا الا انه تمسك بالشهادة من اجل الرسالة .. وجسد خالدا انتصار الدم على السيف |