قُبيل اسابيع شاهدت برنامجا مشوقا من على شاشة قناة) (mbc يتحدث عن كيفية تصميم شبكات المجاري وتصريف الامطار في لندن ، وقال مقدم البرنامج إن الخبير الذي اشرف وصمم شبكة المجاري تلك قد اختار عينة قصدية من بين المواطنين يُعد الاكثر استهلاكا للغذاء ومن ثم استطاع ان يحدد بالدقة كمية ماتطرحة هذه العينة القصدية من فضلات وضربها في اثنين وعد هذه الكمية التي يطرحها هذا الشخص ال " مضروبة في اثنين " هي معدل مايدخل الى مجاري لندن ثم ضرب هذه الكمية للشخص الواحد في عدد سكان لندن في عام 1840 وهو التاريخ الذي تم فيه الشروع في تصميم مجاري مدينة الضباب وعلى اساسة تم اختيار حجم الانابيب المناسبة بما يتوافق مع حصلية ماتطرحه العينة من فضلات مع الاخذ في الاعتبار تقدير عدد السكان المتوقع لغاية " 2050" العمر الافتراضي لهذه المجاري.
لكن الشي الملفت ان دائرة تصاميم لندن حين اعادت تقييم الطاقة الاستعاية لمجاري لندن في عام 2012 بعد " 162" سنة من تنفيذها وجدت انها يمكن ان تستمر في تأدية واجباتها لمئتين سنة اخرى مقبلة ، بلحاظ ان المواطن البريطاني الحالي يستهلك من الغذاء اقل بنصف مقارنة بالمواطن البريطاني عند تصميمها بمعنى ان الخبير البريطاني الذي صمم مجاري لندن وفي ذلك الوقت هو اكثر ادراكا وفهما وعلما من خبراء امانة بغداد ( عبعوب ، والمرشدي ) الذين يشرفون على تصميم وتنفيذ مجاري بغداد.
ولنكون صريحين جدا مع خبراء امانة بغداد المذكورين في عرض مشكل الطاقة الاستعابية لشبكات تصريف المياه والمجاري في بغداد والاسباب التي تقف خلف تكرار الفيضانات التي تجتاح عدد من مناطق بغداد من دون غيرها مع كل زخة مطر ، والسؤال المعروض لماذا لم تغرق بعض مناطق بغداد على الرغم من ان شبكاتها نفذت قبل 30 عاما في حين ان شبكات اخرى لم يمر على افتتاحها اكثر من اشهر قليلة لكنها غصت وفاضت وسببت مشكلات عويصة لخلق الله من سكان بغداد ، والعذر الذي نسمعه دائما من خبراء امانة بغداد هو ان الطاقة الاستعابية التصميمية لهذه الشبكات هي اقل من استيعاب كمية الامطار التي تهطل ، طيب ولماذا لاتكون الطاقة الاستيعابية التصميمية لهذه الشبكات بحجم يستوعب كمية الامطار التي تسقط سنويا " والله وكيلك ان السماء في لندن تمطر في الصيف والشتاء بكميات تفوق كمية الامطار التي تسقط في بغداد بعشرات المرات لكني لم اشهد اي غرق لتلك للشوارع بل العكس ان الامطار تسهم في تنظيف الشوارع واخضرار الحدائق العامة وتعطي المدن مزيدا من الاشراق والنظافة لشوارعها وساحاتها". وهذا الحال ينطبق على بغداد في اجزاء كبيرة من بغداد في ثمانينات القرن الماضي.
وعندنا في بغداد نهتم بربطة العنق والعطر والزلفى للمسؤول الاعلى اكثر من اهتمامنا بنظافة الشوارع وتصميم المشاريع ، وعلى سبيل المثال ان شبكات تصريف المياه التي نفذتها الامانة في نفق باب المعظم قد غصت مع اول زخة مطر والسبب انه تم غلق انابيب تصريف المياه بالاسمنت والطابوق والانقاض اثناء العمل ولاعرف بقصد ام بغير قصد او اهمال وعدم متابعة من الجهات المسؤولة وهذه حالة واحدة من عشرات الحالات التي يرافقها سوء التنفيذ وقلة الخبرة وخبث الاشراف وينطبق الشي نفسه على شبكات تصريف المياه في شارع السعدون وغيرهما.
لم نجد مشروعا نفذ في بغداد منذ عام 2003 ولغاية اليوم يمكن ان يفرحنا ويشع السعادة في قلوبنا على الرغم من المليارات المهدورة التي خصصت لامانة بغداد ونرى اننا ندور في حلقة مفرغة نبني الارصفة ومن ثم نعيد حفرها ونعيد بنائها وهكذا دواليك تتلكأ مشاريع امانة بغداد وغيرها والكلام عن بغداد يترك الاسى في القلوب.
وبتقديرنا ان بغداد لن ترى مشروعا ناجعا مادام الفساد وسوء التخطيط وضعف الخبرة وتدخل الاحزاب في عملية اختيار شخصيات فاشلة غير كفوءة في ادارة دفة الامور او انها تمنع الكفاءات من ان تنجح في عملها بتدخلاتها المستمرة .
|