المالكي.. الشعب لايحب الحكومة !

 

فيما تزداد الحياة مشقة و مخاطر و يعود نزيف الدم بشكل متسارع، القى رئيس مجلس الوزراء الحالي الساعي الى احتكار السلطة و الانفراد بها السيد ابو احمد المالكي، القى خطاباً في احتفاليته بـ "اسبوع النزاهة"، خطاباً لايمكن ان يثير الاّ عاصفة من تساؤلات و سخرية . . وفيما وصفه البعض بكونه شجاعاً و صريحاً . .
ويصفه كثيرون بكونه منافقاً للتقرّب من قوى قرار داخلية من كتل متنفذة و احزاب و قوى سياسية، و خارجية من دول جوار الى دول كبرى و احتكارات متنوعة . . في محاولته للحصول على موقعٍ انتخابي اقوى في الانتخابات التشريعية التي قرُب موعدها، و يصفه كثير آخرون بكونه لايمتّ الى الصراحة و الشجاعة، لأنه ليكون كذلك كان عليه ان يطرح ماهية الحلول التي يراها لما يجري، او يتّخذ اجراءات عملية لوضع الحلول بحكم السلطات الواسعة التي بيده الآن، في الظروف الخطيرة الجارية في البلاد و التي تتطلب الحلول العاجلة .
و يرى مراقبون محايدون ان ذلك الخطاب اضافة الى انه يتجاهل الواقع الدامي و الحياة المدمّرة للعراقيين برجالهم و نسائهم، فإنه و اخذاً بالاعتبار سياسته العملية و طروحات المالكي . . لايخرج عن كونه امتداداً لخطب و تصريحات سابقة له، قال و كرر فيها ان حكومة متنوعة الكتل لن تنجح !! و انها متناقضة و لن تستطيع الاتفاق على قرار او رؤية ما، رغم حلفانه اليمين الدستورية لدى استيزاره على السهر على تطبيق الدستور و التقيّد به و خاصة في التعددية ـ رغم نواقص في الدستور اتفق على تعديلها ـ .
ليأتي الخطاب مكمّلاً لإسلوبه الذي لا يسير على منهج و لايمتاز بمرونة سياسية لمنهج ما، و انما يسير على الركض وراء مايمكن ان يبقيه على مقعد السلطة لدورة ثالثة جديدة بشكل لادستوري، دورة كان ينتظرها من خلال كونه وسيط لخلق توازنات احتاجها متوسطيه الاميركان و الايرانيون و كانوا يوعزون له بتنفيذها . . و التي لاينتظراها الآن بعد توفر فرص افضل بدأ بها الرئيس الإيراني الجديد روحاني سياسته الجديدة في التفاهم، التي غيّرت توازنات في قوى المنطقة و في مواقف القوى ذات المصالح الكبيرة فيها من جهة . .
ومن جهة اخرى فإنها جعلت ابو احمد المالكي في مهب الريح، حتى صار يتهافت على ارضاء اية قوة مؤثرة يفرزها الواقع الجديد، اميركية كانت او ايرانية او خليجية و غيرها . . بعيداً عن رؤية الواقع المرّ الذي يعيشه الشعب باطيافه و تعيشه حتى الطائفة الشيعية التي يدّعي تمثيله لها، موظّفاً تصعيد نظام المحاصصة الطائفية للعاطفة الدينية و المذهبية، و كأن مصير السلطة و الشعب بأطيافه تحددها العواطف.
الأمر الذي يرى فيه خبراء سياسيون و اجتماعيون، بكونه توجه لايخرج عن محاولات خطيرة يسهر على تنفيذها، من اجل الوصول الى الإعلان عن قيام الحكم على اساس حكم الحزب الواحد، هو حزبه حزب الدعوة ـ الذي لم يعد حزب الدعاة الذي ناضل ضد دكتاتورية الحزب الحاكم السابق ـ، حيث تكمن مخاطر عودة الدكتاتورية و القائد الضرورة برداء جديد، يقوم على اساس المنافع الذاتية الانانية و دائرة العواطف في الحب و الكراهية و محاولة تأطيرها بعواطف المقدّس او الاختفاء خلفها . . بدل الاعتماد على الخطة الدستورية ـ على ثغراتها ـ .
و يرى متخصصون لامنحازون، بأن تعبيره المتنوع الملخّص بـ (الشعب لايحب الحكومة)، مقصود منه (ان الحريات تشجّع على الفساد) على حد قوله، و ان الناس لاتفهم و لا تسلك الطرق التي وفّرتها لهم الديمقراطية، و هو تعبير عن ان مايصلح لحكمها، هو قيام حكم فردي عسكريتاري كحكم صدام، بدلالة الشعارات التي رفعتها مؤخراً مظاهرات جرت في كربلاء تنديداً بإجراءات الحكومة المحلية بازالة بسطيات الكسبة بالبلدوزرات . . التي يرى سياسيون ان الهدف من رفع المتظاهرين ايّاها، كان مخاطبة الحكومة بخطاب لايخرج عن منطِقِها هي و عن عقلية حكامها الذي لايزيد عن مستوى تلك العقلية الضحلة، و هو احد الامور الخطيرة في الوعي العام لكونه نتيجة سيئة من النتائج الناجمة عن حكم كحكم المالكي (الدستوري البرلماني)، بعد عشر سنوات على سقوط الدكتاتورية.
و تحذّر اوساط واسعة من سلوكه اثر النتائج الباردة لزيارته للولايات المتحدة، و اثر تلويحات اوساط متنفذة في الادارة الاميركية له بعجز حكومته . . كونه قد يؤدي الى محاولته اخذ المبادرة لصالحه باجراءات غير مسبوقة، تمهيداً لإعلان حالة طوارئ و تعليق الدستور . . لفتح الطريق امام قيام دولة الحزب القائد !!
و تطالب القوى و الشخصيات السياسية و الاجتماعية و القانونية و الدينية من كل الطوائف، بالتشديد على العودة الى الشعب و على اجراء الانتخابات التشريعية في موعدها الذي يقترب، و الاستقواء بالداخل العراقي الغني، باتباع المرونة و السعي الى لمّ الشمل الوطني الضامن الوحيد لمواجهة الإرهاب . . خاصة بعد تغيّر ميزان صراع المصالح الايرانية ـ الاميركية الذي احتاج و دَعَمَ حينها وجود شخصية وسيطة في الحكم و غضّت النظر عن مثالبها . . شخصية تمثّلت بالمالكي الذي وظّف تلك الحاجة له و ركبها على اساس فردي غيّر به حزبه ذاته و تحالفاته، بعيداً عن الجهود الحقيقية لمكافحة الطائفية و تعميق الحكم المدني الدستوري و اشباع هيئاته بصلاحيّاتها، و بعيداً عن تعميق البديل العراقي الوطني الذي يتطلّب بالحاح شديد وحدة القوى المناضلة على اسس العمل من اجل قيام الدولة المدنية.