عاشوراء.. تجليات الإنسانية في أبهى صورها |
لم يشهد التاريخ الماضي والحاضر وربما المستقبل لمثل القيم التي تجلت بها أحداث كربلاء في عام 61 هــ في الجوانب العقائدية والأخلاقية والإنسانية وحتى أنها تخطت في مجملها صدى الأحداث التي عاصرها نبي الإسلام محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وأصحابه ، وهذا ماجعل واقعة الطف تتربع على قمة هرم التضحية من أجل تصحيح مسار المبادىء السماوية في حياة الإنسان ، وضربت أروع الأمثلة للشهادة في سبيل الدين الذي نادت به السماء ضد الأديان المزيفة للطواغيت وأتباعهم . لو سلطنا الأضواء على محطات معركة الطف لتجلت أمامنا أنوار الهداية المحمدية بسيرة السبط الحسين بن علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) وأصحابه البررة في أبهى صورها ، ولأ أريد ان أخوض في غمارها تفصيلاً فقط بعض الإشارات لمواقف حدثت فيها ، ومنها على سبيل المثال : عندما إلتقى جيش الكوفة وتعداده قرابة ( 1000 ) فارس بقيادة الحر بن يزيد الرياحي بقافلة الامام الحسين ( عليه السلام ) في الصحراء المتاخمة للكوفة وقد أنهك التعب والعطش جيش الكوفة وهم يبحثون عن طلائع قافلة الامام الحسين ( عليه السلام ) ، بادر الامام ( عليه السلام ) الى أصحابه أن أسقوا القوم وأرشفوا الخيل رشفا !!! ، بالرغم من علمه المسبق أن الجيش قادم ُ لقتاله وكما صرح بهذا القول قائد الجيش الحر بن يزيد الرياحي ، إلا أن خُلق الحسين ( عليه السلام ) وإنسانيته أبت إلا أن تتجلى أمام هذا الجمع المعادي .. ليلة الثامن من المحرم ... عندما إجتمع الامام الحسين ( عليه السلام ) مع عمر بن سعد القائد العام لمعسكر الأعداء ، أبدى له النصيحة تلو النصيحة والموعظة بعد الموعظة لكي لايقدم على فعلته النكراء فتلحق اللعنة والخسران له ولجيشه في الدنيا والآخرة . ليلة العاشر من المحرم .. وهذه المرة الإمام الحسين ( عليه السلام ) مع أصحابه وأهل بيته ، إذ إجتمع بهم جماعات وفرادا ، وقال لهم : إتخذوا هذا الليل جملاً وإرحلوا من هنا وإنجوا بأنفسكم فإن الأعداء لايريدون غيري فإن ظفروا بي إستغنوا عن قتالكم ... وفي صبيحة يوم العاشر من محرم .. لم يبدأ الامام الحسين ( عليه السلام ) وأصحابه بالقتال بل بادروا جميعاً بكل مايحملونه من إنسانية بمخاطبة جيش عمر بن سعد ووعظهم وإلقاء الحجة عليهم ، في الوقت الذي كان الجيش يرمونهم بالحجارة والسهام فيتقهقروا راجعين للخلف وأصواتهم تصدح وتعلوا بالموعظة والإرشاد .. وفي آخر المطاف ... دارت رحى الحرب .. واستشهد أصحاب الامام الحسين ( عليه السلام ) وأهل بيته .. ولم يبقى معه إلا نفسه .. سالت دموعه على لحيته .. سألته أخته : مالي أراك باكياً ؟ أجابها : ما على نفسي بكيت ، ولكني أبكي على هؤلاء القوم الذين إستحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله تعالى وكتابه العزيز ووصية رسوله الكريم محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بأهل بيته وغرتهم الدنيا ، ويعلمون علم اليقين أني إبن بنت نبيهم وسيد شباب أهل الجنة ويدخلون النار لقتلهم إياي.......
أي إنسانية تحمل ياأبا الأحرار .. من أجل الإنسان مهما كان عداؤه لك ، فضلاً عن أهل بيتك الميامين وأصحابك المنتجبين ؟؟ |