داعش والرياض

 

الاضطراب يسود السياسة السعودية داخليا وخارجيا . فالسعودية كانت حتى الأمس القريب تسعى بكل ما أوتيت من قوة لشغل مقعد مؤقت في مجلس الأمن ثم ترفض المملكة ذلك المقعد فجأة في مشهد هستيري معللة ذلك بانحياز أغلب الدول الكبرى إلى إسرائيل وإيران ، ثم تجهد السعودية نفسها بإيجاد بديل لها على ذلك المقعد النفيس الذي أنفقت من اجل الظفر به أموالا طائلة وجهودا مضنية على مدى عقود .

السعوديون يتصورون أن التضحيات التي قدمت للحصول على فوائد هذا المقعد لن تذهب أدراج الرياح عندما يكون من نصيب الأردن مثلا ؛هذا البلد الذي منَّته السياسة السعودية بالانضمام إلى تكتل دول الخليج العربي واصطدمت أمانيه بحائطي الكويت والإمارات . إن ذهاب مقعد السعودية إلى الأردن من شانه أن يكون مكافأة من نوع ما لصالح حليف مفلس متلون ، فربما سيكرر عبد الله ما فعله والده الحسين بن طلال حينما انحاز إلى العراق في صراعه مع السعودية ليشتكي شحاذ الملوك لصدام من السعوديين الذين يستكثرون على الأردنيين ربط أسلاك الهاتف في بيوتهم!

السعودية الآن وفي مشهد هستيري داخلي تشن حملات (حربية) ضد المقيمين على أراضيها ولا يمتلكون جنسيتها. بعض من تلاحقهم الحملة السعودية غير الإنسانية مساكين ولدوا في السعودية وناهزت أعمار بعضهم أكثر من ثلاثين عاما . السعوديون يخشون من انفجار عداء هؤلاء ضد المملكة مع أول فرصة سانحة تماما كما حدث مع المقيمين الفلسطينيين الذين انضموا إلى صدام في احتلاله الكويت . ما يزيد خوف السعوديين أن من بين المطلوبين للترحيل القسري شبابا متطرفين دينيا يتحرقون شوقا لساعة إعلان حرب داعش والرياض بعد حرب داعش ودمشق وداعش وبغداد وداعش وبيروت .

بعض الكتَّاب السعوديين صار يحذر في الآونة الأخيرة من هذه الحرب التي لن تستثني الديار المقدسة . إنها حرب إسلامية بين السنة والشيعة على غرار حرب الكاثوليك والبروستانت ؛ الحرب التي دامت ثلاثين عاما وانتهت بمحق الدين المسيحي تقريبا من خارطة الوجود الفعلي بصرف النظر عن وجود عدد هائل من الكنائس والأديرة التي صار بعضها يفتي بجواز نكاح الرجل من الرجل .

أقول مخلصا لهؤلاء الكتاب السعوديين انتبهوا جيدا : إن هذه الحرب الإسلامية المدمرة آتية لا محالة ما دام مشايخكم ينسجون خطوطها بتطرف فتاواهم المذهبية وابتعادها عن الرحمة والإنسانية . إنهم بذلك يمهدون السبيل الى نشوب حرب مع جيرانكم ستنشب لعشرات من السنين. حينها ستحتاج السعودية إلى استقدام الآسيويين ليس لخدمة المنازل ولكن ليصبح هؤلاء أمراء لدولة الحجاز الإسلامية .