حادثة الموظف البريطاني ... و نسيان العراقيين لفضائل الامام الحسين عليه السلام |
في كل عام حينما تطل علينا المناسبات الدينية من الاستذكارات والاعياد نكون حينها أمام فرصة جديدة مع القدر ومع انفسنا للتوبة من الذنوب و لفصح عن الحقد والكراهية و لإعلان التسامح مع بعضنا البعض و لاتخاذ موقف حاسم ضد الظلم والفساد وهذه الفرص لا تأتي إلا لشعوب التي تحمل ذنوبا كثيرة في صفحات تاريخها ولا يوجد على الارض شعب لديه موعد دائم مع الله عزوجل بقدر الشعب العراقي في فرصة من القدر لنا جميعا فردا ً فرداً ان نتخلى عن ماضي بتوبة و نتجاوز الحاضر بتسامح و نعلن وقوفنا ضد الظلم للمستقبل ... مستقبل الذي يوما بعد يوم يتجه ملامحه لتسيد الظلم والفساد والانحطاط على جميع مفاصل الحياة للفرد العراقي . كالعادة استذكرت الملايين من العراقيين ذكرى استشهاد الامام الحسين عليه السلام وتعددت مشاهد الاستذكار ما بين المحافظات العراقية ومنابر المراجع وخطابات السياسيين و مطالبات الجماهير ودور العقول العراقية في إدارة هذه الحوادث لصالح الفرد العراقي دون تفكير في انتمائه او ماضيه ... لا اعتقد ان الإمام الحسين عليه السلام ومن كان معه في رحلة العراق كان يفكر ان يخرج الملايين لاستذكاره بطريقة التي رأيناه هذا العام . فانا من خلال اصدقاء مقربون اعلم ان هناك مئات الالف من المرضى الراقدين في مستشفيات الجنوب والالف من الذين يعانون من امراض الخبيثة والاورام السرطانية وتشوهات الولادية او الخلقية و هناك المئات الالف من العاطلين عن العمل وفساد المالي والإداري تكاد تخنق المواطن العراقي في كل العراق. حديثي ليس عن طريقة استذكر والشعائر فهي حرية مكفولة للجميع وكل مكون حينما يختار طريقة يعيش ويتعايش بها مع مناسبته فهو يتحمل المسؤولية التاريخية والحضارية امام الصفحات التي تنثر كل يوم تاريخنا الجديد الذي كل فرد منا هو جزء منه . كثر الحديث عن حادثة قيام موظف امني بريطاني يعمل في العراق وتحديدا ولاية البصرة بـ اعتداء ما على راية مكتوب فيها الامام الحسين عليه السلام عقله شخص عراقي على سيارة ما عائدة لإحدى الشركات ... وهكذا المصادر والفيديوهات والنصوص الخبرية التي انتشرت لحد الان لم تكن حيادية او على الاقل واضحة كي يتنسى للمتابع ان يحصل على الحقيقة . في حقيقة الامر ما قام به ثلة من اهل البصرة تجاه الموظف البريطاني هو امر طبيعي جدا نتيجة تراكمات عديدة سوف نتحدث عنها ادناه وتلك التركمات هي تعيش عبر دماء العراقيين جميعا وخصوصا حينما يحس كل عراقي ان انتمائه او عقيدته في خطر وان هناك من يود ان يؤذيه على حد تفكيره واحساسه .. فكل يوم في ربوع العراق نسمع خبر جديد مشابه لحالة الموظف البريطاني .. و أن طريقة الرد على الموظف البريطاني من قبل اخوتنا اهل الشيعة من ولاية البصرة ليست حكرا عليهم بل هي طريقة نفسها حينما يرد الاخوة الكرد على شخص ما لو اعتدى على علم كردستان في شمال العراق وهي طريقة نفسها لو اعتدى شخص ما على رمز من رموز التركمان في كركوك ربما وهي طريقة نفسها لو اعتدى شخص ما على علم او راية او شعار ما تجاه عرب السُنة .... لنواجه انفسنا كما واجه الحسين عليه السلام الظلم والاستبداد انا لا اتهم احدا بسوء الاخلاق لكن تلك المواقف والسلوك هي طريقة التي نشأت بها عقولنا ونظرتنا تجاه الذين يخالفوننا بالعقيدة والانتماء وهي نتيجة تراكمات اخلاقية وتربوية ونفسية واجتماعية لانسان العراقي الذي راح ضحية المراجع والسياسسين والإعلام وهذا يعكس ضعف وفساد المؤسسات التربوية والدينية والاجتماعية ومنظمات المجتمع المدني فجانب الاجتماعي والاخلاقي لانسان العراقي اليوم يكاد يكون مهددا جدا لان كل مناسبة دينية هي اختبار لنا يُكشف فيه مدى التحضر والتطور الاخلاقي والاجتماعي في حياتنا . اسئلة بريئة في ذهني تدور منها مثلا اين هي دور المرجعيات والحوزات وطلبة الحوزة في اثراء المواطن العراقي في محافظات الجنوب تحديدا بقيم الاخلاقية الدينية والحضارية والفكرية والتاريخية للأئمة مثلا و الامام الحسين عليه السلام هو اكبر فضيلة للإسلام كنموذج. ولماذا يصبح الفرد العراقي كتلة من النار حينما يحس ان هناك اذية ما تجاه عقيدته ؟؟ لماذا لا يركن لعقلية سليمة يعكس من خلاله اخلاقه العقائدية !!؟؟ لا يهم اختلاف مستوى العلمي للمواطن ما بين اكاديمي او شخص عادي مع كل الاحترم لكن القيم العقائدية والاخلاقية لابد ان يتسم به كل فرد وكل شخص ويعكس من خلاله مواقفه وسلوكه. فما تعرض له موظف بريطاني يمكن لأي واحد منا نحن العراقيين ان يتعرض له في محافظة ما حتى وبصدفة ودون تعمد فأنا مثلا في محافظاتي احيانا أرى شعائر ورموز دينية تُعلق في امكان غير موضعها وتُهان وهي في تلك الاماكن فلو جاءتني فكرة تقديس تلك المعلقات وابعدتها الى مكان افضل فهل يقوم اهل تلك العقيدة بقتلي و تمزيقي !!!؟؟؟ ما هذه العقلية التي تسطير علينا يا حضرات ... لابد للمراجع والحوزات والجوامع والحسينيات وجميع المنابر ان تضع نفسها امام المسؤولية وتكون مصدر تصحيح المفاهيم و الوعي فيما يخص جانب الاخلاقي والاجتماعي والسلوكي للانسان العراقي مهما كانت عقيدته وانتمائه ...والله يصلح بالنا جميعا ً ... اللهم امين .
|