توجهنا بالنقد وباللوم للنظام البعثي المقبور حين استوزر جهلة واميين ودمى في مفاصل الدولة و واجهاتها ، لا تتقن الاداء , ولا تمتلك من اسباب المعرفة ما يؤهل للقيام بتلك المهمات والنهوض بها . لا تمتلك من الخبرة سوى طأطأة الرؤوس والاستجابة لأرادة و رغبات فرعون العراق المهووس بحب العظمة . وبسبب هؤلاء جميعا آل العراق الى خرابٍ ودمارٍ وتنافسٍ في مرتبة التخلف مع اكثر البلدان تخلفا الصومال وافغانستان . وبعد السقوط وبدء مرحلة التغيير انتعشت الآمال واخضّرت النفوس و منّينا النفس ان نرى خبراء وتكنوقراط وعلماء واصحابَ خبرةٍ وماضٍ نزيهٍ يديرون وزارات الدولةِ ومؤسساتها ، تتضافر جهودهم من اجل النهوض بواقع البلاد واعادة عجلة الصناعة التي توقفت بفعل الحروب والحصار ، وانتشالِ الواقعِ الزراعي من وهدة التخلف ، ومساعدة الفلاحين والاخذ بيدهم من اجل تحسين واقع الانتاج كمّاً و نوعاً ، لكن الذي جرى وحدث ، هو عملية قهقرى و ارتداد الى الوراء بخطى حثيثة ، حتى صار العراق يستورد كلّ شيء ، حتى اننا لم نسلم على مياهنا التي سرقتها ايران وتركيا وسوريا ، وارضنا التي ابتلعها الكويتيون والايرانيون والسعوديون ، وكأننا نعيد أيام سقوط الدولة العثمانية ، وكيف نقاسم الحلفاء ممتلكاتها . سياسة ساهم فيها بشكل مباشر ورئيس السيد رئيس الوزراء وجوقة المنتفعين من حوله . كيف لا يتردى الواقع الاقتصادي والصناعي والعلمي وفئة الطفيليين والجهلة نتقدم سدّة الحكم وتتقاسمُ موارد العراق فيما بينها ، بينما الشعب يقاسي الأمرّين ، في مواجهة الجوع والبطالة وتفشي الامراض والجهل وكل شيء . لم يعد الرجلُ المناسبُ في المكان المناسب شعاراً لبناء العراق الجديد ، فقد لجأ سيّد المنطقة الخضراء الحصينة الى ذات الطريقة التي خطا عليها صدام ، فالأولوية هي للولاء الحزبي والطائفي وبناء حزب الدعوة بناء متيناً بالانفاق عليه من المال العام وشراء الذمم والولاءات والأتيان بأمعاتٍ وخرافٍ تدور في فلك (( سيّد )) العراق . مطلع الثمانينيات ولأغراض سياسية بحتة اهمها التجسس على المعارضة لمعرفة قدراتها ومحاولة اختراقها واقتفاء آثار العراقيين الذين غادروا العراق بطرق مختلفة بسبب سياسة البطش والموت والتغييب التي مارستها اجهزة البعث ارسل النظامُ الكثيرين للدراسة في الخارج وفي اي فرع كان فليس الفرع هو المهم والتخصص بقدر ما يهم البقاء في ذلك البلد . ومن هؤلاء السيد حسين الواسطي ، الذي وصل المجر بعد وصولي اليها بعامين او ثلاث ودخل كلية الزراعة في جامعة دبرسن قسم مكافحة جرذان الحقول ومخازن الحبوب . ليس في ذلك ما يعيب أو يخدش الحياء لو أن هذا الشخص حسين الواسطي انصرف الى اختصاصه وتمسّك بدراسته ، لكنه كان يتجسس على العراقيين في جامعاتهم ويتابع اخبارهم ويرفع التقارير صدقاً وكذباً عن نشاطاتهم وموقفهم من النظام ، كما كان كثيرَ التردد على السفارة العراقية ، وفي مظاهرة للاخوة الاكراد شارك فيها جميع العراقيين في هنغاريا احتجاجاً على مجزرة حلبجة كان السيد الواسطي وبيده كاميرا يلتقط صورا للمتظاهرين المحتشدين في شارع السفارة العراقية وعلى ابوابها . وقد نقل لي شخص قريب جدا وهو كردي بالمناسبة يعمل في السفارة العراقية وقتها أن السيد الواسطي يتلقى راتبا من السفارة العراقية ويزودها بالتقارير دوماَ , الى هنا والأمر يبدو طبيعيا وليس غريباً ، ففي زمن العهر تظهر فقاعات كهذه ، ولكن المؤلم جدا ، وهو ما يشكل ضحكاً واستهزاءً بقيم الانسانية أن نسمع ان السيد حسين الواسطي يعمل مستشاراً أولا للسيد المالكي لشؤون الزراعة والمسؤول الاول عن المبادرة الزراعية ... مبروك وتهانينا، بهذه الفقمات نبني العراق الجديد .. انني أتساءل ما هي الخبرة التي سيقدمها اختصاصٌ في مكافحة الجرذان لتطوير الزراعة في العراق والنهوض بها .أبهؤلاء نكون قد تجاوزنا اخطاء وعيوب الماضي ؟ وبهؤلاء سيتطور اقتصاد العراق الزراعي ؟ ثم اين يقف قانون المساءلة والعدالة من هؤلاء ؟ ولماذا تُجتثُ اختصاصاتُ العراق وهو في مسيس الحاجة الى خبرتها -;- ونتمسك بصائد جرذان يكون المسؤول الاول عن المبادرة الزراعية . ان قانون المساءلة والعدالة أهو أعور ام أعرج؟ . تلك حقائق نضعها على طاولة رئيس حزب الدعوة ، يمكنه ان يتحقق من صحتها لو أراد مع اني اشك بذلك . فالولاء للحزب اعظم بكثير واكثر اهمية من الولاء للعراق ، سيّما وان الواسطي شيعي والمالكي شيعي كذلك . وقد اكون انا الكاتب متهماً في شيعيتي . فلا غرابة ان نرى البقر يجلس خلف المناضد الوثيرة يصدر الاوامر ويجهل ما يدور حوله .
|