أمراً مثيراً للسخرية !

 

نفى الرئيس الألماني السابق (كريستيان فولف) الذي بدأت محاكمته بتهمة فساد جميع التهم الموجهة إليه، وقال في بيان أمام المحكمة إنه لم يكن أبدا فاسدا أو مرتشيا وإنه حرص دائما على الفصل الحازم بين شؤونه الوظيفية وحياته الشخصية.
فماذا إقترف الرئيس ؟ وما هي التهم الموجهة إليه؟
مثل فولف أمام المحكمة الإقليمية في "هانوفر" على خلفية سماحه لصديق له يعمل منتجا سينمائيا بدفع مصاريف شخصية تعادل قيمتها 700 يورو بدلا منه عندما كان يشغل منصب رئيس وزراء ولاية سكسونيا السفلى في عام 2008 قبل توليه الرئاسة أي أن تهمته لا تتعلق بفترة رئاسته بل هي قديمة!.
أقر الرئيس (فولف) أمس بأنه شفع لصديقه (ديفيد غرونفولد) لدى شركة «سيمنس» عام 2008 لمساعدته على تنفيذ مشروع «يون رابه» السينمائي، لكنه شدد على أنه فعل ذلك لأنه كان معجبا جدا بمشروع تصوير حياة الكاتب والتاجر الألماني (يون رابه) الذي عده الصينيون بمثابة (بوذا) الثاني بسبب الخدمات التي أداها للصينيين، وتوفي عام 1950 بعد أن عاصر الحقبة النازية.
ومع هذا لم تشفع له أمانيه الثقافية تلك رغم انه لو فعلها أي إنسان آخر (ليس له صفة رسمية) لكان عملاً وطنياً وبطولياً! 
يذكر أن فولف (54 عاما) اضطر إلى الاستقالة في 17 فبراير (شباط) من العام الماضي 2012م بعد أن رفع القضاء حصانته بسبب الشبهات حول استفادته من (منافع) عدة لم يستحقها والرجل لم يسرق ولم يمد يده إلى المال العام لكن وبحكم وظيفته يمكن أن يحصل على (تسهيلات) عادية جداً تحصل في كل دوائر العالم الثالث ليس للمسئولين بل للناس العادين أيضاً فماذا كانت تلك المنافع التي يحاكم عليها الرئيس الألماني : بعد معلومات أولية عن قرض بشروط مواتية منح له لشراء عقار عندما كان رئيسا لولاية سكسونيا السفلى بين عامي 2003 و2010 - والمسكين بدأت الصحافة الألمانية تفتش في اعقد خصوصياته حتى (العزائم الشخصية) التي تحدث لكل إنسان بل ذهبت إلى الشك في أي معاملة يمكن أن يقوم بها أي إنسان آخر في المانيا قد يكون استفاد منها نعم ببساطة انه رئيس المانيا وليس أي إنسان أخر فهم يفهمون المسؤولية تكليفاً لا تشريفاً !
وبعد السين والجيم وجلسات ومسائلات وتحقيقات واستطلاعات وتقارير رسمية وغير رسمية لم يبق من كل هذه الاتهامات سوى واحدة ! هي أن (فولف) أصغر رئيس سنا في تاريخ الجمهورية الفيدرالية سيحاكم في أبريل (نيسان) 2014 لأنه متهم بأنه قبل من (ديفيد غرونوولد)  وهو صديق له ومنتج سينمائي كان يرغب في الحصول على دعمه فدعاه للإقامة بفندق في (بافاريا)  خلال (إحتفالات الجعة) وكانت القيمة الإجمالية لهذه الهدية (700 يورو) أي أقل من الف دولار!.
والغريب الذي يثير تساؤل أي مواطن شرقي وبالخصوص المواطن العراقي لماذا لم يدفع الرئيس هذه الإلف دولار؟ هل هذا المبلغ كبير على الرئيس الألماني؟! وهل هذا المبلغ الهزيل من صديق قديم يسمى (رشوة) ؟! 
ولكن حسب الادعاء العام بولاية (سكسونيا السفلى) فإن فولف تصرف بشكل ((فاسد))! عندما كان يتولى منصب رئيس وزراء الولاية وسمح لنفسه بقبول دعوة منتج الأفلام ديفيد غرونفولد لحضور احتفال!. ويتهم الادعاء فولف بأنه توسط بعد ذلك لدى شركة «سيمنس» للصناعات الإلكترونية لدعم مشروع خاص برجل الأعمال غرونفولد بغض النظر عن أهمية هذا المشروع ودوافعه الإنسانية والثقافية للأمة الألمانية . 
ومن المرتقب أن تستمر جلسات محاكمة فولف 20 يوماً ويدلي 46 شاهداً بإفاداتهم خلال هذه المحاكمة .
وأثارت محاكمة فولف جدلا واسعا بين الألمان الذين يبدون تشددا كبيرا إزاء ((أخلاقيات سياسيهم)) على وجه الخصوص فحساب من يتصدى للمسؤولية ليس كحساب أي مواطن آخر خصوصاً إذا كان من الطبقة المتقدمة في الدولة وعلى وجه أشد قسوة وشدة إذا كان يمثل كل الألمان ورئيساً لهم !
وبررت مجلة «سترن» الألمانية الشهيرة هذه القسوة : «الأهم من الإدانة أو التبرئة هو أن فسادا (( محتملا)) يمكن أن يعاقب عليه علنا ليس فقط الموظفون الصغار بل أيضا رئيس سابق».
وعد الأستاذ في القانون الجنائي بجامعة بوتسدام "أوي هيلمان"  أنه ليس هناك ما يثير الضحك في تنظيم مثل هذه المحاكمة! وأضاف أن بعض الدول اللاتينية ستعد بالتأكيد أن «الألمان موضع سخرية مجددا لأنهم أرغموا رئيسهم على الاستقالة لأمور تافهة». لكنه قال لوكالة الأنباء الألمانية إن «آخرين سيقولون: نعم بهذا تتميز ألمانيا، حيث من الممكن اعتماد مثل هذه الإجراءات مهما كان موقع الشخصية».
أي إبتلاء هذا وأي رقابة تلك؟!. 
 واترك للعراقيين تقدير هذا الابتلاء وهذه الذلة والمهانة أعان الله الرئيس الألماني السابق عليها وأعاننا الله على كل رؤسائنا السابقين واللاحقين ولا ادري أين هي السخرية هل هي كل هذا التطرف والتشدد الألماني أم كل هذا التطرف والتسيب والفرهود العراقي ؟!
 وشر البلية ما لا يفهم