طائِر الرّوح شِعر: محمد الزّهراوي

 

 

 

 

 

 

هيْمانُ أنا

مِن وحْشَتِها.

أهْتَدي بِالنّجْمِ

وَمُعَذِّبَتي

بِلا ساحلٍ.

كَمْ نادَيْتُها

يا بحْرُ.

تأخّرتْ

عنْ زِيارَتِي

أوْ لـمْ

تَفِ بِالْمَوْعِدِ.

اَلْقلْبُ

يَرْسُمُها أيائِلَ.

تأخّرتْ يانَسْري

والرّوحُ ما

انْفَكّتْ تقْرَأُها

في اللاّوَعْيِ.

كمْ كتَبْتُ لَها

مِن مَنْفايَ.

حَدّثْتُها فِي

الْحُلْمِ كقَصيدَةٍ.

وكَمْ نادَيْتُ..

لَعلّها لَمْ

ترَ الصّورَةَ

لَمْ تقْرأْ لـِيَ

أوْ لا تذْكُرُ

منْ أنا.

هِيَ الأمُّ..

تأْخُذُنـِي إلـَى

رَحِمِها الْكَوْنِـيِّ.

عيْناها علَيَّ

شَجَرُ الْقَلْبِ.

أهِيَ غيْبٌ..

هِيَ الْعَنْقاءُ؟

أوْ مُقَدّرٌ أنْ

لا أراها ؟

تَمْتَدّ ُأفْرُعُ

شَعْرِها النّهارِيةُ

علَيّ فـِي

قاعِ لَيْلٍ.

ظِلالُها في كُلِّ

الْجِهاتِ تَجيئُ.

ولا أدْري

مِنْ أيْنَ.

هذا البُعْدُ

يُقَرِّبُني مِن

الرّؤْيَةِ..

أنا أطْلبُ

حفْنةَ ماءٍ

والدُّنُوَّ مِن الْحضْرةِ.

وما دُمْتُ لَـم

أصْبأ معَها فلَن

أحْضى بالرُّؤْيَةِ

أوْ أفوزَ بالجنّةِ

لنْ أعْثُرَ

على صاحِبٍ

على أخٍ أوْ وَطَنٍ

وَلنْ يَصُدّنِي

عنْ هذا شيء

ولا مُسْتقَرّ

لِطائرِ الرّوحِ.

هذا هُو الْوَجَعُ

وهذا نَشيجُ

غُرْبةِ القَصيدَةِ.

إذْ حيْثُما

ولّيْتُ وجْهي

أسْألُ..

إنْ كُنْتُ على

وشْكِ أنْ أصِلَ

أوْ كانتْ تقْتَرِبُ

لِهذا أُقيمُ الليْلَ.

لأنِي مَدْعُوٌّ

إلَى فرَحٍ..

مُسافِرٌ إلَى

وَطَنٍ في إِرَمَ.

وإلاّ كيْف أقْتَرِبُ

مِنَ الدّفْءِ؟..

هذا هُو الْوَجْدُ.

لوْ تَنْفُخُ فِيّ

يااَللهُ ..

عسايَ أبْقى

حيّاً وأراها.

وتَجَلّيها

في حُضوري

أعَزُّ ما

يُطْلَبُ أيُّها الغِيابُ.

السِّدْرَة

لا منْظورَةٌ

ورَغْبَةً فِي

الْمَعْرِفَةِ مُسافِرٌ

ولا أتَوَقّفُ.

لَها فِيّ

غابَةُ رُموزٍ

وغُرْبَتانا

ياطائري واحِدَةٌ

وأنا غامَرْتُ..

حتّى أرى

أوْ أصِلَ.

أعِنّي يارَبُّ

على الرُّؤْيَةِ..

هذا عطَشي الْحِسِّيُّ.

رُؤْيَتُها بَحْرُ

لَذّةٍ يَسْتَحْوِذُ

على هاجِسي.

توَحّدتْ فِيّ

الصّورَةُ كَامْرَأةٍ

تقْرأُ الشِّعْرَ..

لَها في نَفْسي

مُلْتَقى أنْهُرٍ

أراها كَنْزاً أمامي

وحَقِّ الْهَوى.

تَحْتَلُّني كَأنّما

بِيَ مَسٌّ  تتَقَمّصُ

أحْرُفَ كُلِّ

ما أكْتُب..

في حظْرَتِها

تسْتَحْيي الشّموسُ

وتَفيضُ روحي

أنا إلَيْها مُسافِرٌ..

أقْرأُها في الشِّعْرِ

غَيْباً.

ولا أدْري

إنْ كانتْ تَحْفَلُ

بِيَ أوْ تَرانِي.

تتَحَقّقُ أمامي

كَأنّما أصْطادُها

فِي سَوادِ لَيْلٍ.

اَللهُمَّ اجْعَلْ

عَليَّ نارَها في

هذا اللّيْلِ نوراً.

لَها في الْكَوْنِ

بَلاغَةُ أبْحُرٍ.

لا أدْري

لِماذا أُفَكِّرُ فيها

بِهذا الإلْحاحِ

وأثْمل

فِي انْتِظارِها

مُقَرَّحَ الجَفْنَيْنِ

بِسَنَواتِي السِّتين؟

لَعَلّ هذا لِأنّ

نَهاراتِها فِيّ..

تُحَدِّثُ أخْبارَها

أوْ رُبّما لأِنّها

كُلُّ ما

بَيْنَ يَدَيَّ .

لَو أنّْ مُعَذِّبَتِي

بَدتْ

لاِمْرئِ القَيْسِ

ابْنِ حُجْرٍ

لَمّا قالَ:

((مُرّا بِي على

أُمِّ جُنْدُبٍ)).